والبحث فيها، ثم ربطت كل نوع من أنواع علوم الحديث بالباب الذي أوردته فيه وبإطار العلم العام، أعني غاية العلم الأولى وهي "معرفة المقبول من المردود". وبذلك يظل الدارس على صلة بمعالم النظرية الأساسية، ويفيد في وضع كل قاعدة موضعها المناسب في مجال تطبيقها.
ومن هنا فقد اختصرت الفروع والمسائل التي لا تتصل صلة وثيقة بالغاية التي ذكرناها آنفا.
وحاصل النظرية التي بنينا عليها نظام الكتاب وترتيبه يقوم على قضية واحدة مسلمة، هي أنه لا بد لكي يكون الحديث مقبولا أن نعلم أن رواية قد أداه كما سمعه، وهذا لا يتحقق إلا إذا استوفى الراوي الشروط الكافية لذلك، فكان لا بد أولا من بحث العلوم المتعلقة بالرواة.
ثم إن أخذ الراوي عن أساتذته له أحوال وأحكام، وكذلك تبليغه العلم يعتوره أحكام أيضا، فكانت دراسة علم الرواية مكملة لما سبق ومتممة له.
ولما أن الأحاديث قد وصلت إلينا بنقل رجال السند واحدا عن الآخر حتى يبلغوا قائلها، فإن من الواجب أن ندرس شروط القبول في السند والمتن، وذلك في تعريف الصحيح والحسن ونبين كفايتها لإثبات سلامة الحديث وأدائه كما سمع، كما نبين أن اختلال شيء منها يجعل الحديث ضعيفا لما فيه من فقد المعيار الذي يثبت سلامة الحديث.
ومن ثم فإننا ننتقل على ضوء ما سبق إلى السبر والدرس لكل جوانب الحديث، ونوضح احتمالات الضعف والقوة فيها، مع بيان حكم كل منها.
ونبدأ بدراسة أحوال المتن فإنه المقصود من بحث الأسانيد، ثم يأتي بعد ذلك البحث في تسلسل الإسناد وما يعرض له من اتصال أو انقطاع،