للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ركن أهلية التحمل عند الجمهور هو التمييز الذي يعقل به الناقل بما يسمعه ويضبطه.

وقد ضبط ذلك كثير من المحدثين في حده الأدنى بالسن وهو خمس سنين، ونسبه القاضي عياض (١) إلى أهل الحديث.

قال ابن الصلاح: "التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين، فيكتبون لابن خمس فصاعدا: "سمع ولمن لم يبلغ خمسا: "حضر" أو"أحضر".

وهذا يفهمك معنى ما تجده على الكتب الخطية في تسجيل سماعاتها على العلماء وبيان أسماء السامعين، فيقولون: سمع هذا الكتاب فلان وفلان وحضر فلان.

إلا أن التحقيق في هذا والتدقيق هو ما ذكرناه أولا من أن المعيار هو التمييز، وهذا هو مذهب الجمهور، وهو الصحيح المعول عليه.

أما التقييد بخمس سنين فلا ينافيه، قال القاضي عياض (٢): "ولعلهم إنما رأوا هذا السن أقل ما يحصل به الضبط وعقل ما يسمع وحفظه. وإلا فمرجوع ذلك العادة، ورب بليد الطبع غبي الفطرة لا يضبط شيئا فوق هذا السن، ونبيل الجبلة ذكي القريحة، يعقل دون هذا السن".

ويتفرع على هذا صحة سماع الكافر والفاسق بحيث يقبل منه بعد الإسلام والتوبة النصوح ما كان قد تحمله حال الكفر أو الفسق،


(١) في الإلماع: ٦٢.
(٢) الإلماع: ٦٤.

<<  <   >  >>