للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وجدنا -بعد تقريرنا لذلك- الحافظ ابن عبد البر (١) أخرج عن مالك أنه سئل: "أفيعرض عليك الرجل أحب إليك أو تحدثه؟ " قال: "بل يعرض إذا كان يثبت في قراءته، فربما غلط الذي يحدث أو ينسى".

وهذا يفيد أنه إذا لم يبلغ هذه المرتبة لا يفضل على السماع.

٣ - الإجازة:

والإجازة هي إذان المحدث للطالب أن يروي عنه حديثا أو كتابا أو كتبا من غير أن يسمع ذلك منه أو يقرأه عليه، كأن يقول له: أجزتك أو أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، أو كتاب الإيمان من صحيح مسلم. فيروي عنه بموجب ذلك من غير أن يسمعه منه أو يقرأه عليه.

وقد أجاز الرواية بها جمهور العلماء، من أهل الحديث وغيرهم (٢). وقد وجد المصنفون في هذا الفن غموضا في الاستدلال لجواز الإجازة (٣)، لكنا نوضحه لك فنقول:

إن العلماء اعتمدوا على الإجازة بعدما دون الحديث وكتب في الصحف وجمع في التصانيف، ونقلت تلك التصانيف والصحف عن أصحابها بالسند الموثوق الذي ينتهي بقراءة النسخة على المؤلف أو مقابلتها بنسخته، فأصبح من العسير على العالم كلما أتاه طالب من طلاب الحديث أن يقرأ الكتاب، فلجئوا إلى الإجازة.

فالإجازة فيها إخبار على سبيل الإجمال بهذا الكتاب أو الكتب


(١) في جامع بيان العلم وفضله: ٢: ١٧٨. وفي النسخة "إن تحدثه". وهو تصحيف مطبعي. وانظر تفصيل كلمة مالك هذه الإلماع: ٧٤. وانظر للتوسع المحدث الفاصل: ٤٢٠ والكفاية: ٢٧٤ وما بعد.
(٢) انظر الإلماع: ٨٩ واختصار علوم الحديث: ١١٩.
(٣) علوم الحديث: ١٣٥ - ١٣٦.

<<  <   >  >>