للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثا- اختصار الحديث:

وذلك بأن يروي المحدث بعض الحديث ويحذف البعض الآخر، بشرط أن لا يكون متعلقا به. منع منه بعض العلماء ممن منع الرواية بالمعنى، لكن جمهور المحدثين قديما وحديثا ذهبوا إلى جواز ذلك، وهذا هو الصحيح، بشرط أن يكون ما "تركه متميزا عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل البيان، لا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه، ... لأن الذي نقله والذي تركه -والحال هذه- بمنزلة خبرين منفصلين، في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر" (١).

وقد درج على ذلك واشتهر به الإمام البخاري، فإنه يروي الحديث الواحد في مواضع كثيرة بحسب ما يستبط من الحديث من الفوائد والأحكام، ويروي في كل مناسبة الجملة التي تلائمها من متن الحديث، ويذكره بتمامه في بعض المواضع ليعلمه القارئ كله.

رابعا -مراعاة القواعد العربية:

قرر العلماء واتفقوا على أنه ينبغي لطالب الحديث أن يكون عارفا بالعربية. فعن الأصمعي أنه قال: "إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار"، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن، فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه".

وقال حماد بن سلمة رضي الله عنه: "مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها".

فالعجب بعد هذا من أناس لا يعلم أحدهم من العربية والنحو إلا


(١) علوم الحديث: ١٩٣. وقارن بكتابنا الإمام الترمذي: ١٠٢.

<<  <   >  >>