للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الناس ولا سيما العوام يقينا، لعدم تفريقهم بين الأمرين، وإنما هو علم قائم على الاستنباط القوي لصحة الخبر، وهذا يجب العمل به، والأخذ بمقتضاه في الأحكام كما سبق أن ذكرنا.

أما وجوب العقيدة والإيمان بمقتضاه فلا يجب. لأن الراوي الثقة ليس معصوما من الخطأ، فقد يخطئ، وإن كان ذلك بعيد الوقوع، كما أن من الرواة الثقات من اختلف فيه العلماء جرحا وتعديلا، وهم كثيرون. مما ينزل بحديثهم الصحيح عن درجة القطع اليقيني الذي يجب الاعتقاد به ويكفر جاحده. لكن هذا لا يعني أن يحل للمسلم إنكاره لمستند شرعي مقبول، كما وقع من عمر رضي الله عنه حيث رد حديث فاطمة بنت قيس وقال: "لا ندع كتاب الله لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت (١) ". فأوقع ذلك عند عمر من الشك في حفظها إياه ما جعله يخالفه.

ونحو ذلك يقع للفقهاء الكبار لما عندهم من عمق النظر في الحديث (٢) إن كان ذلك قد يتوهمه من لا علم عنده بفقه النصوص هجرا للسنة. وهذا الإمام الترمذي رحمه الله يقول في بعض المسائل: "كذا قال الفقهاء وهم أعلم بمعاني الحديث".

٢ - القسم الثاني: من خبر الواحد الصحيح: قسم يفيد العلم اليقيني ويجب الاعتقاد به. وهو ما تتوفر فيه شروط الصحة بشكل قاطع لا مجال للاحتمال فيه، لما احتف به من المقويات، ومن ذلك:

آ- أن يكون الحديث موضع إجماع على الاحتجاج به بين العلماء.


(١) سبق تخريجه في ص ٥٣.
(٢) كما سبق أن ذكرنا عن بعض أحاديث الموطأ في ص ١٠٥.

<<  <   >  >>