فضائل الأعمال ولا في الحلال والحرام، نسب ذلك إلى القاضي أبي بكر بن العربي، وقال به الشهاب الخفاجي والجلال الدواني، ومال إليه بعض العصريين من الكاتبين مستدلا بأنها كالفرض والحرام لأن الكل شرع، وأن في الأحاديث الصحاح والحسان مندوحة عن الأحاديث الضعيفة.
هذا والمسألة ذات إشكالات كثيرة ومناقشات نرجو أن نوفق لبسطها في مقام آخر إن شاء الله، إلا أنه يبدو أن أوسط هذه المذاهب هو أعدلها وأقواها، وذلك أننا إذا تأملنا الشروط التي وضعها العلماء للعمل بالحديث الضعيف، فإننا نلاحظ أن الضعيف الذي نبحث فيه لم يحكم بكذبه، لكن لم يترجح فيه جانب الإصابة، إنما بقي محتملا، وهذا الاحتمال قد تقوى بعدم وجود معارض له وبانضوائه ضمن أصل شرعي معمول به، مما يجعل العمل به مستحبا ومقبولا، رعاية لذلك.
أما زعم المعارضين أن العمل بالضعيف في الفضائل اختراع عبادة وتشريع في الدين لما لم يأذن به الله تعالى. فقد أجاب عنه العلماء بأن هذا الاستحباب معلوم من القواعد الشرعية الدالة على استحباب الاحتياط في أمر الدين، والعمل بالحديث الضعيف من هذا القبيل، فليس ثمة إثبات شيء من الشرع بالحديث الضعيف.
وفي رأيي أن الناظر في شروط العمل بالحديث الضعيف يجد فيها ما ينفي الزعم بأنه إثبات شرع جديد، وذلك أنهم اشترطوا أن يكون مضمونه مندرجا تحت أصل شرعي عام من أصول الشريعة الثابتة، فأصل الشريعة ثابت بالأصل الشرعي العام، وجاء هذا الخبر الضعيف موافقا له.