للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي أن الثاني ناسخ للأول، وذلك ببرهان دقيق حيث إنه روي في حديث شداد أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم في رمضان فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم" وروي في حديث ابن عباس "أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم" فبان بذلك أن الأول كان زمن الفتح سنة ثمان، والثاني في حجة الوداع سنة عشر، فيكون الثاني ناسخا للأول (١).

وهذا الفن من ضرورات الفقه والاجتهاد، وقد ارتكب خطأ جسيما وركب مركبا صعبا من تسول له نفسه الفتوى بالحديث بزعمه مع عطله من هذا العلم فضلا عن الشروط الأخرى.

عن ابن سيرين قال: سئل حذيفة عن شيء؟ فقال: "إنما يفتي أحد ثلاثة: من عرف الناسخ والمنسوخ، قالوا: ومن يعرف ذلك؟ قال: عمر، أو رجل ولي سلطانا فلا يجد من ذلك بدا، أو متكلف".

وللعلماء تصانيف في هذا الفن أشهرها كتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار". للإمام أبي بكر محمد بن موسى الحازمي " (٥٨٤) هـ".

٤ - مختلف الحديث:

وربما سماه المحدثون "مشكل الحديث".

وهو ما تعارض ظاهره مع القواعد فأوهم معنى باطلا، أو تعارض مع نص شرعي آخر.

وهو من أهم ما يحتاج إليه العالم والفقيه، ليقف على حقيقة المراد من الأحاديث النبوية، لا يمهر فيه إلا الإمام الثاقب النظر.


(١) انظر هذا الفصل في كتاب "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" ٤ - ١٠. وفي علوم الحديث وغيره.

<<  <   >  >>