للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل" متفق عليه (١).

والملال: فتور يعتري النفس من كثرة شيء، وهو محال في حقه تعالى؟ ! . ويجاب عن هذا من وجهين (٢):

الوجه الأول: أن "حتى" إن كانت بمعنى "إلى أن" فجوابه ما قال ابن فورك في كتابه القيم مشكل الحديث (٣): "أن يكون معناه أن الله سبحانه لا يغضب علكم ولا يقطع ثوابه حتى تتركوا العمل وتزهدوا في سؤاله والرغبة إليه. فسمى الفعل مللا تشبيها بالملل، وليس بملل على الحقيقة".

الوجه الثاني: قال القصري (٤): "وإن جعلتها بمعنى "كي" فبكون المعنى: لا يمل الله من العطاء ... على العبد كي يمل ويظهر عجزه حين أخذ مالا يطيق، وهذا بين في كلام العرب لا إشكال فيه".

ومن أمثلة ذلك أيضا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أرسل ملك إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت! قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له: يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة "قال أي رب ثم مه؟ " قال: "ثم الموت" قال: "فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر". متفق عليه (٥).


(١) البخاري في اللباس: "الجلوس على الحصر": ٧: ١٥٥. ومسلم في الصلاة: ٢: ١٨٨ - ١٨٩.
وللحديث بقية اختصرناها.
(٢) إشار إليهما القصري في شرح مشكل الحديث ق ٣٦ آ-ب.
(٣) ص ٩٤.
(٤) في شرح مشكل الحديث: ق ٣٦ آ. وقارن بتأويل مختلف الحديث: ٣٤٩، والمعتصر: ٢٦٤ ومشكل ابن فورك: ٩٤.
(٥) البخاري في الجنائز: "من أحب أن يدفن في الأرض المقدسة": ٢: ٩٠. والأنبياء وفاة موسى": ٤: ١٥٧ ومسلم واللفظ له: ٧: ١٠٠.

<<  <   >  >>