للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انتقد بعض الملاحدة هذا الحديث فقال: لعلى عيسى ابن مريم عليه السلام قد لطم الأخرى فأعماه! .

وقد غفل الناقد عن حقيقة هامة، هي أن الملائكة مخلوقات نورانية وليست بمادية. لكن الله أعطاها قدرة على التشكل بالصور المادية ألا ترى أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصورة دحية الكلبي، ومرة في صورة أعرابي، فلما جادل الملك موسى وجاذبه لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخييل وتمثيل، وليست عينا حقيقية للملك، ولم يضر الملك بشيء (١).

وقال الإمام ابن فورك (٢) "ومنهم من قال: أن معنى قوله لطم موسى عين الملك توسع في الكلام -أي مجاز-، ... يريد بذلك إلزام موسى ملك الموت الحجة حين رادَّه في قبض روحه ... ".

القسم الثاني من مختلف الحديث: أن يتضاد الحديثان بحيث لا يمكن الجمع بينهما، وذلك على ضربين:

الضرب الأول: أن يظهر كون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ.

الضرب الثاني: أن لا تقوم دلالة على النسخ، فيفزع حينئذ إلى الترجيح ويعمل بالأرجح منها بكثرة عدد رواته، أو مزيد حفظ، أو مزيد ملازمة راوي أحد الحديثين لشيخه، في أوجه كثيرة من وجوه


(١) تأويل مختلف الحديث: ٢٧٧ - ٢٨٨. وانظر الإيمان بالملائكة لفضيلة أستاذنا الشيخ عبد الله سراج الدين: ٣٣ - ٣٥ ففيه تحليل جيد.
(٢) في مشكل الحديث: ١١٣. وفيه بسط لتحليل هذا لغة فانظره.

<<  <   >  >>