للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد العلماء دعوى الإجماع التي استشهد بها مسلم، بأن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه جماعة من أئمة هذا الفن علي بن المديني والبخاري وغيرهما كما قيل (١)، وأجابوا عما أورده من الأحاديث بأنه "يمكن أن يكون قبول الأئمة لذلك لقرائن اقترنت بها أفادت اللقاء ... " (٢).

وقوي بعضهم مذهب مسلم بأن المسألة في الثقة غير المدلس، ومثله إذا قال: عن فلان، ينبغي أن يكون سمعه منه، وإلا كان مدلسا، والمسألة في غير المدلس (٣).

إلا أنه لا ريب أن مذهب الجمهور أحوط، لأن الاتصال فيه أقوى، ولذلك كانت هذه المسألة من مرجحات صحيح البخاري على صحيح مسلم.

وقد يستشكل ما ذكرنا بما وقع في الحديث على شرط الاتصال ثم تبين أنه ليس بمتصل. كحديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت". وفي رواية أخرى عن سالم قال: قال


(١) وقال في قواعد التحديث: ١٢٣: "والجمهور على أنه متصل إذا أمكن لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضهم بعضا، مع براءة المعنعن من التدليس، وإلا فليس بمتصل" فتأمل! !
(٢) جامع التحصيل لأحكام المراسيل للحافظ خليل بن كيكلدي العلائي ١٤٠. وقد وسع الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي: ٣٦٥ - ٣٧٣ نقد مذهب مسلم، فانظره وانظر تعقيبنا عليه.
(٣) انظر التفصيل في فتح الملهم شرح صحيح مسلم: ١: ٤٠ - ٤١ و ١٤٨ - ١٥٠. هذا ويجب أن يعلم أن الفريقين متفقان على اشتراط الانفصال لصحة الحديث، إنما الخلاف في إثبات الاتصال بهذا الطريق، فأثبته مسلم، ولم يقبله البخاري، فتنبه.

<<  <   >  >>