للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عمر: سمعت عمر يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم .. " (١).

ظاهر الرواية الأولى يوجب أن يكون من مسند ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وظاهر الرواية الثانية يوجب أن يكون من مسند ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف نجعل المؤنن متصلا؟ !

ونجيب عن ذلك بأن إدراك ابن عمر في هذا الحديث مشترك متردد، لتعلقه بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعمر، فقد أدركهما ابن عمر، وصحبهما، فصلحت "أن" للرواية عنهما، ولو كان الادراك قاصرا على أحدهما لتعين الاتصال عن طريقه. وهذا ملحظ دقيق جدا ينبغي التنبه له، والحذر من الغلط بسببه.

تفريع على المعنعن والمؤنن:

وينبني على ما ذكرناه من شرط الاتصال في المعنعن والمؤنن تعميم الحكم بالاتصال فيما ذكره الراوي عمن لقيه بأي لفظ كان إذا لم يظهر منه تدليس، سواء قال: عن فلان أو فلانا، أو قال فلان أو روى فلان أو حدث، وذلك لأن العبرة ليست بالحروف والألفاظ، ولكن بالمجالسة واللقاء والسماع.

ومن الحجة في ذلك "أنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان باطلاقه الرواية عنه من غير ذكر الواسطة بينه وبينه مدلسا، والظاهر السلامة من وصمة التدليس، والكلام فيمن لم يعرف بالتدليس".


(١) البخاري بلفظه: ٨: ١٣٢، ومسلم: ٥: ٨٠ وانظر مثالا آخر في الكفاية: ٤٠٦ - ٤٠٧.

<<  <   >  >>