للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يكون النهي متقدما، وآخر الأمرين للإباحة. وقد قيل: إنه إنما نهى أن يكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط به ويشتبه على القارئ، فأما أن يكون نفس الكتاب محظورا وتقييد العلم بالخط منهيا عنه فلا".

ويميل الرامهرمزي إلى نسخ النهي عن الكتابة، فيقول: أحسبه أنه كان محفوظا في أول الهجرة وحين كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن" (١).

هذه جملة آراء العلماء في بحث إشكال التعارض بين الروايات، وكلها اجتهادات يعوزها الاستناد النقلي اللهم إلا القول بالنسخ فقد استدل له من النقل، ومال إليه كثير من العلماء كالمنذري وابن القيم وابن حجر وغيرهم، وذلك لأن الإذن بالكتابة متأخر عن النهي عنها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة الفتح: "اكتبوا لأبي شاه ... " يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها. وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي لأنه لم يزل يكتب ومات وعنده كتابته وهي الصحيفة التي كان يسميها "الصادقة". ولو كان النهي عن الكتابة متأخرا لمحاها عبد الله.

وهذا الرأي في التحقيق ينبغي أن لا يجعل منافيا للآراء السابقة بل إنه متمم لها حيث نأخذ من تلك الآراء علة النهي السابق، وأنه لما زالت العلة ورد الإذن بالكتابة (٢).


(١) المحدث الفاصل ق ٥٦ - ب، ص ٣٨٦. وتهذيب السنن نفس المكان. انظر تصدير تقييد العلم للدكتور يوسف العش ص ٩، وكتاب الحديث والمحدثون للدكتور محمد محمد أبو زهو: ١٢٢ - ١٢٥. والمنهج الحديث في علوم الحديث للدكتور محمد محمد السماحي: ٣٦ وقد جمع النووي الأقوال في شرح مسلم: ١٨: ١٣٠.
(٢) لذلك يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: ١: ١٤٩ "وهو أقربها مع أنه لا ينافيها"

<<  <   >  >>