للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو نوع من المنقطع، إلا أن الانقطاع فيه خفي، لما أن تعاصر الراويين يوهم اتصال السند بينهما.

ومن أمثلة المرسل الخفي ما رواه الترمذي في العلل الكبير (١): "حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي نا هشيم أنا يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على ملئ فاتبعه، ولا تبع بيعتين في بيعة".

فهذا الإسناد ظاهره الاتصال، يونس بن عبيد أدرك نافعا وعاصره معاصرة حتى عد فيمن سمع من نافع، لكن أئمة النقد قالوا إنه لم يسمع منه، قال البخاري: "ما أرى يونس بن عبيد سمع من نافع". وهو رأي ابن معين وأحمد بن حنبل وأبي حاتم أيضا (٢). فهو من المرسل الخفي.

وأما الفرق بين المرسل الخفي وبين المدلس فوقع فيه كلام كثير لأئمة أصول الحديث، واختلفت فيه وجهاتهم، تبعا لاختلافهم حول ما يعتبر مندرجا في المدلس (٣).

ونقدم إليك ههنا حاضل التفريق بينهما، وذلك من وجهين:

الأول: أن المدلس يروي عمن سمع منه أو لقيه ما لم يسمع منه بصيغة موهمة للسماع، وأما الرمسل فإنه يروي عمن لم يسمع منه ولم يلقه إنما عاصره فقط. فهما متباينان.

الثاني: إن التدليس إيهام سماع ما لم يسمع، وليس في الارسال إيهام، فلو بين المدلس أنه لم يسمع الحديث من الذي دلسه عنه لصار


(١) ق ٣٦ - آ.
(٢) انظر جامع التحصيل: ٣٧٧، والتهذيب: ١١: ٤٤٥.
(٣) ولعل ذلك دعا بعض الكاتبين إلى إغفال المرسل الخفي، ومنهم من جعله داخلا في المدلس! ! ونرجو أن نستوفي هذه النقطة الشائكة بتفصيل واف في مقام آخر إن شاء الله.

<<  <   >  >>