للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث مرسلا لا مدلسا، نبه على ذلك النقاد المحققون كالخطيب البغدادي وابن عبد البر (١).

وكذلك فيما يرى من كان معروفا من أمره أن من يحدث عنه لم يسمع منه لاشتهار ذلك، أو اشتهار أنه سمع منه أحاديث، بعينها إذا لم يقصد الإيهام. فهذا ينبغي أن يكون مرسلا خفيا لا مدلسا. ويدل على ذلك أنهم لم يذكروا هذا النوع في المدلسين ولم يصفهم بالتدليس تلامذتهم ومن عرفهم من علماء الجرح والتعديل. ومن هنا ميز علماء الرجال بين الفريقين كما وجدناه في صنيع الحافظ العلائي وغيره، فإنهم ينبهون على المدلس أنه مدلس، ويصفون غيره بأنه "يرسل"، أو "كثير الإرسال".

وسائل معرفة الإرسال:

وقد عني العلماء بكشف هذا النوع لما فيه من الخفاء، ووضعوا لمعرفته ضوابط دقيقة، فصلها الحافظ العلائي (٢)، وأخذ بتفصيله الحافظ العراقي وغيره، بعد تنقيحها وتحريرها. وهي:

١ - أن يعرف عدم اللقاء بينهما بنص بعض الأئمة على ذلك، أو يعرف بوجه صحيح من البحث في تواريح الرواة. مثل حديث عمر بن


(١) الكفاية: ٣٥٧ والتمهيدك ١: ١٥ - ١٩ و ٢٧. وهذا هو الفرق بين المدلس والمرسل الخفي عند من جعلهما يشملان رواية الراوي عمن لقيه أو عاصره ولم يلقه. كما أفادنا فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الله سراج الدين حفظه المولى، ويؤيده تقييد ابن الصلاح المدلس بالإيهام حيث قال: "هو أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه". بينما لم يقيد المرسل الخفي بذلك، وإنما أحال على أنه يعرف فيه الإرسال "بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء".
(٢) في جامع التحصيل: ١٤٥ وما بعد. ونحوه في شرح الألفية: ٤: ٢٥ - ٢٦.

<<  <   >  >>