للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المتواتر المعنوي: فهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب أو وقوعه منهم مصادفة، فينقلوا وقائع مختلفة تشترك كلها في أمر معين، فيكون هذا الأمر متواترا. مثل رفع اليدين في الدعاء. فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم فيه نحو مائة حديث لكن هذه الأحاديث في وقائع مختلفة.

وشروط المتواتر المعنوي هي عين شروط المتواتر اللفظي، إنما يختلفان في أن المتن المنقول يتطابق لفظه في المتواتر اللفظي، ويتوافق في معنى معين تشتمل عليه المتون الكثيرة في المتواتر المعنوي. وهذا أمر متفق عليه لا إشكال فيه ولا خلاف (١).

وجود المتواتر:

والحديث المتواتر كثير الوجود، وحسبنا في ذلك أن ننظر إلى شعائر الإسلام وفرائضه كالصلاة والوضوء والصوم فقد نقل صفات ذلك عن النبي عدد التواتر من الصحابة، ونقله عن الصحابة عدد التواتر من التابعين وهكذا، وغير ذلك كثير نقلته الأمة وأجمعت عليه من الأقوال والأفعال.


(١) ومن هنا فإنا لا نوافق بعض الكاتبين الأفاضل على قوله "ومن علماء الحديث من لا يرى بأسا في أن يكون المتواتر المعنوي في أوله آحاديا ثم يشتهر بعد الطبقة الأولى، ويستفيض، فيسلكون حديث "إنما الأعمال بالنيات" في عداد ما تواتر معنى، مع أنه لم يروه إلا عمر بن الخطاب، ولم يروه عن عمر إلا علقمة، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما طرأت له الشهرة من عند يحيى".
فإن أحدا من المحدثين لم يقل بذلك وإنما نبه ابن الصلاح والنووي والسيوطي وغيرهم على هذا الحديث أنه ليس بمتواتر دفعا لتوهم تواتره بسبب كثرة رواته في الأزمنة المتأخرة فإن هذه الكثرة لم تستمر في كل الطبقات، فنبهوا على أنه ليسب بمتواتر لأنه لم يروه في كل طبقة عدد التواتر. وليس قصدهم أن أحدا من المحدثين يعتبر مثل هذا من المتواتر المعنوي كقاعدة عامة، فذلك ما لم يقله أحد، ولم يقصده أحد في علمنا.

<<  <   >  >>