للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي اصطلاح المحدثين قال ابن الصلاح: روينا عن الحافظ أبي عبد الله بن منده أنه قال: الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا. فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا، فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا".

فلم يفصله ابن الصلاح تبعا لابن منده عن المشهور فصلا تاما، حيث جعلهما مشتركين فيما رواه الثلاثة! . وعلى ذلك سار النووي وغيره، وبه تشعر عبارة البيقونية:

عزيز مروي اثنين أو ثلاثة ... مشهور مروي فوق ما ثلاثة (١)

واختيار الحافظ ابن حجر وغيره في العزيز أنه ما رواه اثنان، وفصلوه عن المشهور فصلا تاما فخصوا المشهور بما رواه ثلاثة فأكثر.

ومناسبة التسمية للعزيز ظاهرة، لعزته أن قوته بمجيئه من طريق أخرى، أو لقلة وجوده. حتى قد نازع ابن حبان في وجود هذا النوع.

قال الحافظ ابن حجر (٢):

"وادعى ابن حبان .. أن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي لا توجد أصلا. قلت: إن أراد أن رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلا فيمكن أن يسلم، وأما صورة العزيز التي حررناها فموجودة، بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين".

وما قاله الحافظ قوي، لأن الحديث إذا رواه في بعض الطبقات راويان فقط، ثم رواه أكثر من ذلك لم يخرج عن كونه عزيزا، لأن الأقل يقضي على الأكثر.


(١) وقارن بشرح المنظومة البيقونية: ٩٠ و ٩٢.
(٢) في شرح النخبة: ٨.

<<  <   >  >>