للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن يسوق المحدث إسناد حديث، ثم يعرض له عارض فيقول كلاما من عند نفسه فيظنه بعض السامعين متن ذلك الإسناد، فيرويه به.

مثال هذه الصورة قصة ثابت بن موسى الزاهد المشهورة، في روايته "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار". فقد دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضي وهو يقول: "ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم". فدخل ثابت عليه، فلما نظر إلى ثابت ذكر ذلك يريد به ثابتا لزهده وورعه. فظن ثابت أن ذلك سند الحديث فكان يحدث به بهذا الإسناد (١).

وهذا عده ابن الصلاح شبه الوضع، وعده بعض العلماء موضوعا، واختار الحافظ ابن حجر أن يعد من المدرج، وهو أولى لأن معنى الإدراج فيه أظهر.

كيف يعرف المدرج:

لما كان الإدراج في الحديث ذا أثر خطير، لما يترتب عليه أحيانا أن يجعل من الحديث ما ليس منه، فقد شدد العلماء البحث عنه، وتحروا، وأخذوا فيه بالحيطة، فوضعوا لكشفه وسائل عديدة تحقق معرفته، وكشفه، وهي:

١ - ورود رواية تفصل القدر المدرج عن أصل الحديث، وهذا ظاهر جدا.

٢ - أن يرد التنصيص على ذلك من الراوي نفسه، أو من أحد الأئمة المطلعين.

٣ - أن يعرف الإدراج من ظاهر سياق الحديث، كما في حديث


(١) أخرجه عند ابن ماجه "باب قيام الليل" رقم ١٣٣٣ وانظر حاشية السندي: ١: ٤٠٠.

<<  <   >  >>