للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن بلالا يؤذن بليل، أو باستحالة صدور ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل حديث أبي هريرة مرفوعا (١): "للعبد الملوك الصالح أجران، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك". وظاهر أنه يستحيل منه صلى الله عليه وسلم أن يتمنى الرق، لأنه غير لائق بالنبوة، كما أن أمه لم تكن إذ ذاك موجودة حتى يبرها، فعلمنا من ذلك أن قوله "والذي نفسي ... إلخ" ليس من الحديث، وإنما هو مدرج فيه من كلام أبي هريرة.

حكم المدرج والإدراج:

والمدرج من أنواع الحديث الضعيف؛ لأنه إدخال في الحديث لما ليس منه، وهذا المدرج وإن كان ربما صح أو حسن من حيث احتمال وروده من طريق أخرى يصح بها، لكن هذا لا يمنع الحكم عليه بالضعف هنا؛ لأننا نحكم عليه من حيث دخوله في هذا الحديث الذي وقع فيه الإدراج وظاهر أنه ليس منه.

ثم الإدراج إن وقع خطأ وسهوا فلا يؤاخذ عليه صاحبه، إلا إذا كثر منه وقوع ذلك، فإنه يكون حينئذ جرحا في ضبطه.

وأما الإدراج عن تعمد فهو حرام بإجماع أهل الحديث والفقه، حتى قال ابن السمعاني: "من تعمد الإدراج فهو ساقط العدالة، وممن يحرف الكلم عن مواضعه، وهو ملحق بالكذابين (٢) ".

واستثنى السيوطي (٣) من تحريم الإدراج العمد ما كان لتفسير


(١) البخاري في العتق "العبد إذا أحسن عبادة ربه": ٣: ١٤٩، ومسلم في الإيمان: ٥: ٩٤.
(٢) و (٣) تدريب الراوي: ١٧٨.

<<  <   >  >>