للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك نشأ علم ميزان الرجال: "الجرح والتعديل" الذي هو عمود أصول الحديث.

فقد تكلم من الصحابة في الرجال: عبد الله بن عباس، وعبادة بن الصامت، وأنس بن مالك. وكان كلاما قليلا، لقلة الضعف وندرته.

ثم تكلم من التابعين سعيد بن المسيب المتوفى سنة " (٩٣) هـ" وعامر الشعبي " (١٠٤) هـ" وابن سيرين " (١١٠) هـ" (١).

ثالثا: الرحلة في طلب الحديث، لأجل سماعه من الراوي الأصل، والتثبت منه وقد وافتنا أخبار رحلاتهم بالعجيب المستغرب إذ بلغ بهم الأمر أن يرحل الرجل في الحديث الواحد مسافة شاسعة، على الرغم مما كان في مواصلاتهم من المشقات والتعب. ومن ذلك.

أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل إلى عقبة بن عامر يسأله: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق أحد سمعه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ستر على مؤمن في الدنيا ستره الله يوم القيامة". فأتى راحلته فركب ثم رجع (٢).

فسن الصحابة الرحلة في طلب الحديث للتثبت منه وسلك التابعون سبيلهم فكانوا يرحلون إلى الصحابة ويسألونهم عن الأحاديث، كما روى الخطيب (٣) بأسانيده عن سعيد بن المسيب قال: "إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد".


(١) توجيه النظر: ١١٤.
(٢) المسند: ٤: ١٥٣، وانظر الآثار في فتح الباري: ١: ١٥٨ - ١٥٩ وأول كتاب العلم في سنن أبي داود. وقد جمع الخطيب البغدادي أخبار الراحلين في الحديث الواحد من الصحابة ومن بعدهم في جزء لطيف سماه "الرحلة في طلب الحديث" حققناه واستدركناه عليه بقدر حجمه.
(٣) في كتابه الرحلة في طلب الحديث ص ١٢٧ - ١٢٨ بتحقيقنا.

<<  <   >  >>