إِلَى أَخِيه فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَقَالَ أَنا مَا أعيش بِفعل مُحي فَلَمَّا بلغ السطان ذَلِك لم يجد بدا أَن يفصح لَهُ بِالْأَمر فرسم لَهُ أَن يسْتَقرّ فِي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن أَخِيه فَخرج من الْقَاهِرَة إِلَى دمشق وَاسْتقر عَلَاء الدّين مَكَانَهُ فَعَظمهُ السُّلْطَان وأكرمه ونوه بِقَدرِهِ وَبلغ عِنْده مالم يبلغهُ غَيره حَتَّى كَانَ يَأْمُرهُ أَن يكْتب إِلَى نواب الشَّام بأَشْيَاء يَأْمُرهُم بهَا عَن نَفسه فَعظم قدره جدا وباشر الْوَظِيفَة مُبَاشرَة جَيِّدَة وَكَانَ يركب فِي سِتَّة عشر مَمْلُوكا من الأتراك مشترى كل وَاحِد مِنْهُم عَلَيْهِ أَكثر من خَمْسمِائَة دِينَار وَكَانَ هَؤُلَاءِ يقفون بالديوان سماطين وَلَا يتَكَلَّم مَعَ أحد إِلَّا مَعَهم بالتركي وهم يترجمون عَنهُ للنَّاس وَكَانَ يكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا وَله اقتدار على إصْلَاح اللَّفْظَة وإبرازها من صُورَة إِلَى صُورَة وَمَا كَانَ يخرج من الدِّيوَان كتاب حَتَّى يتأمله وَلَا بُد أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا بقلمه وَهُوَ الَّذِي أنشأ توقيع الشَّيْخ مجد الدّين الأقصرائي بمشيخة سرياقوس لما انْتَهَت عمارتها ومدحه الشُّعَرَاء فِي عصره وللشهاب مَحْمُود وَابْن نَبَاته فِيهِ غرر المدائح وَلم يزل يتزايد فِي سعادته إِلَى أَن حصل لَهُ مبادي فالج ثمَّ تزايد بِهِ وَظهر ذَلِك للسُّلْطَان فَصَبر عَلَيْهِ إِلَى أَن أَرَادَ يَوْمًا أَن يقوم من بَين يَدَيْهِ فَسَقَطت الدواة من يَده فتألم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute