ثمَّ ينْتَصب للأشغال إِلَى الظّهْر ثمَّ يُصليهَا وَيَأْكُل فِي بَيته شَيْئا ثمَّ يتَوَجَّه إِلَى زِيَارَة صَاحب أَو عِيَادَة مَرِيض أَو شَفَاعَة أَو سَلام على غَائِب أَو تهنئة أَو تَعْزِيَة ثمَّ يرجع وَقت حُضُور الخانقاه ويشتغل بِالذكر إِلَى آخر النَّهَار وَولى تدريس الشريفية وَسكن بهَا دهرا طَويلا يشغل بعد صَلَاة الصُّبْح إِلَى أَذَان الظّهْر فَتخرج بِهِ جمع كثير فِي أَنْوَاع من الْعُلُوم وَكَانَ النَّاصِر يعظمه ويثني عَلَيْهِ وَكَذَا ارغون النَّائِب حَتَّى كَانَ يَقُول مَا مَلأ عَيْني غَيره وَلما طلب ابْن الزملكاني لتولي الْقَضَاء بِدِمَشْق فَمَاتَ ببلبيس ولي النَّاصِر عَلَاء الدّين الْمَذْكُور قَضَاء دمشق فَتوجه إِلَيْهَا فِي سنة ٧٢٧ فِي شَوَّال فباشرها أحسن مُبَاشرَة وتصلب زَائِد وعفة وَلم يكن لَهُ فِي الحكم نهمة بل هُوَ على عَادَته من الإقبال على الأشغال وَكَانَ كثير الْفُنُون منصفا فِي المباحث كثير الرياضة مُعظما للسنن وَلم يُغير عمَامَته الصُّوفِيَّة واحضر صحبته من الْكتب مَا حمل على نَحْو الْعشْرين فرسا وَلما اسْتَقر فِي الْقَضَاء بِدِمَشْق اخْرُج من وَسطه كيسا فِيهِ ألف دِينَار بِحَضْرَة الْفَخر الْمصْرِيّ وَابْن جملَة وَقَالَ هَذِه حضرت معي من الْقَاهِرَة وَكَانَ محكما للعربية قوي الْكِتَابَة لَهُ يَد طولى فِي الْأَدَب وَله شرح للحاوي ومختصر الْمِنْهَاج للحليمي وَالتَّصَرُّف فِي شرح التعرف فِي التصوف وَكَانَ يترسل جيدا من غير سجع وَيسْتَشْهد بِالْآيَاتِ والأبيات وَالْأَحَادِيث اللائقة بذلك وَكَانَ قد لَازم ابْن دَقِيق الْعِيد وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَتَّى كتب لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute