لعبد الْحق فَكتب مِنْهُ ثَلَاث مجلدات دالات على تبحره فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَكَانَ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ يعظمه ويثني عَلَيْهِ ويسميه فَاضل عصره وَقَالَ ابْن فضل الله أَنه كَانَ يعرف الطِّبّ علما لَا علاجاً فاتفق أَن الأفرم حصل لَهُ سوء هضم فرتب لَهُ سفوفاً فَاسْتَعْملهُ فأفرطه الإسهال فَأَرَادَ مماليك الأفرم قتل صدر الدّين وتدارك أَمِين الدّين سُلَيْمَان الرئيس الْأَمر فعالجه بِرِفْق إِلَى أَن نصل عَن قرب فَأنْكر الأفرم على مماليكه مَا فَعَلُوهُ مَعَ صدر الدّين وعاتبه بلطف وَقَالَ لَهُ كدت أروح مَعَك غَلطا وَقَالَ لَهُ أَمِير الْعَرَب يَا شيخ صدر الدّين أقبل على فقهك ودع الطِّبّ فَإِن غلط الْمُفْتِي يسْتَدرك وَغلط الطَّبِيب لَا يسْتَدرك فاستصوب الأفرم مقَالَته وخجل صدر الدّين ثمَّ تلافاه الأفرم وَأَعْطَاهُ مَالا
وثياباً وَكَانَ فِي صدر الدّين لعب وَلَهو قَالَ الصَّفَدِي حكى لي جمَاعَة مِمَّن كَانَ يعاشره فِي خلواته انه كَانَ إِذا فرغ تَوَضَّأ وَلبس ثيابًا نظافاً وَصلى ومرغ وَجهه على التُّرَاب وتضرع فِي طلب التَّوْبَة وَالْمَغْفِرَة وَكَانَ إِذا مرض غسل مَا نظمه من الشّعْر وَكَانَ قَادِرًا على النّظم مطبوعاً فِيهِ غواصاً على الْمعَانِي لَكِن كَانَ فِي الْمُهِمَّات يَسْتَعِين بِشعر غَيره وَقع لَهُ ذَلِك مَعَ الْملك النَّاصِر لما بنى قصر قلعة الْجَبَل أنْشدهُ قصيدة طَوِيلَة أَولهَا
(لولاك يَا خير من يمشي على قدم ... خَابَ الرَّجَاء وَمَاتَتْ سنة الْكَرم)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute