للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(والدعاوى مَا لم يقيموا عَلَيْهَا ... بَيِّنَات أبناؤها أدعياء)

فالباطل يصغر من حَيْثُ يكبر ويقل من حَيْثُ يكثر والسعاية سلَاح من لَا سلَاح لَهُ وَالْكذب كيد من لَا كيد لَهُ فَمن جبل على الكدر لَا يصفو أبدا والذى خبث لَا يخرج الا نكدا وَمن فصل آخر كتب بِهِ الى صديق لَهُ عزل عَن منصب وَبدل بشخص دنى يعز على أَن أنظر الى ذَلِك الصَّدْر وَقد جلس فِيهِ غير ذَلِك الْبَدْر وانى لاستحى لعينى ان أفتحها على الصَّغِير وقسد جلس مجْلِس الْكَبِير فانى لذَلِك ضيق ساحة الصَّدْر قريب غر وَالصَّبْر كثير المباراة قَلِيل المداراة فَمَا أسْرع الايام على الْكَرِيم فِيمَا يضرّهُ وعَلى اللَّئِيم فِيمَا يسره فَترفع كل وغد خسيس وتخفض كل حر نَفِيس فَمَا هى الا الْبَحْر تسفل فِيهِ الْجَوَاهِر النفيسة وتطفو فَوْقه الجيفة وكالميزان يرفع من الكفة مَا يمِيل الى الخفة ويخفض مَا يفى بالرجحان وَيبعد من النُّقْصَان وَلَا بدع فهى علامه على قيام القيامه وَهَذَا الْخُرُوج مُقَدّمَة يَأْجُوج وَمَأْجُوج

(يَا ضَيْعَة الاعمار فى طلب العلى ... بِالْعلمِ وَالنّسب الذى بالشين)

على أَن المنصب يشرف بِصَاحِبِهِ والمركب يجل براكبه فالصغير مِنْهُ بالكبير كَبِير وَالْكَبِير مِنْهُ بالصغير صَغِير

(أَنْت الْكَبِير الذى لَا الْعَزْل ينقصهُ ... قدرا وَلَا المنصب العالى بشرفه)

وهى جلْسَة خطيب وسحابة صيف تقشع عَن قريب وَمن فَرح النَّفس مَا يقتل وَقد تهافت تهافت الْفراش بالشهاب وولغ ولوغ الذُّبَاب فى الشَّرَاب وَلَو أَن الدَّهْر يُجيب من خاطبه وَيَعْتِبُ من عاتبه لاستدركت هَذِه الْغَفْلَة عَلَيْهِ وفوقت سِهَام الملام اليه لكنه أَصمّ عَن الْكَلَام صبور على وَقع سِهَام الملام فَمن عَمُود الى عَمُود فرج وَكم صَبر يشم مِنْهُ طيب الارج وَله من فصل آخر كتب بِهِ الى بعض أحبابه يعْتَذر عَن عدم الْمُكَاتبَة أُرِيد أَن أقدم على المعذرة فأحجم وأكاد أَن أعرب عَن الشوق فأعجم كَيفَ لَا وشوقى مَالا تسعه عباره وذنب تقصيرى لَيْسَ لَهُ غير الْعَفو كفاره

(وَمَا الْفضل الا خَاتم أَنْت فصه ... وعفوك نقش الفص فاختم بِهِ عذرى)

وَله من فصل آخر فى توقع أُمْنِية لَا يعزب عَن علم الْمولى بلغه الله تَعَالَى أمله ان أفضل الصَّدَقَة أَن تعين بجاهك على من لَا جاه لَهُ وشفاعة اللِّسَان أفضل زَكَاة

<<  <  ج: ص:  >  >>