(وَمَا هُوَ بَاقٍ مَا يُقيم على الذى ... عهدتم وَلَو زَالَت لديكم عهوده)
(فيا عاذلى مَا عَاد لى الْآن مسمع ... بِمَا نالنى وَالصَّبْر حلت عقوده)
(وَمَا أَنا مِمَّن قد شكى حكم دهره ... بضد الذى يَرْجُو بِهِ ويريده)
(وَقد حق شكرى حَيْثُ قد صَار مسكنا ... فؤادى لمولى أخجل اليم جوده)
وَذكر فى تَرْجَمَة شَيْخه الشَّمْس الداودى انه ختم عَلَيْهِ قِرَاءَة شرح الْمحلى على الْمِنْهَاج فَعمل دَعْوَة حضرها جمع من الْعلمَاء والادباء فَأَنْشد بَعضهم
(وَيَوْم قد قطعناه سعيد ... لجيد الدَّهْر قد أضحى محلى)
(بروض زَاهِر جنبات نهر ... ومأكول ومشروب محلى)
(قطعناه بقرآن وَذكر ... واخوان حووا أَسْنَى مَحل)
(وَكَانَ ختامه مسكا فَقَالُوا ... كَذَلِك فَلْيَكُن ختم الْمحلى)
وَكَانَ كثير النّظم وَله فى عمل الالغاز وحلها الْيَد الطُّولى وَمَتى كتب اليه شئ مِنْهَا حلّه فى وقته وَكتب الْجَواب وَكَانَ لطيف المحاضرة لذيذا الصُّحْبَة ممتع المؤانسة وَكَانَ رُؤَسَاء الشأم يميلون اليه جدا ويعدونه رَيْحَانَة الندماء ويعاشر مِنْهُم من تطيب عشرته وتلين قشرته وَلَهُم مَعَه نكات تجرى بَينهم ومقاصد لَا يغْضب مِنْهَا وَلَا يتألم وَلَو كَانَت سبا حكى انه دخل على بَعضهم وَكَانَت الْمِائَة الْعَاشِرَة تمت وَدخلت الْمِائَة الْحَادِيَة عشر فَقَالَ ذَلِك الرئيس قد خلصنا من الْقرن الْعَاشِر وَهَذَا الْقرن الحادى قد أقبل وَاتفقَ لَهُ انه اجْتمع عِنْده فى حجرَة لَهُ بِأحد مَسَاجِد صيدا عشرُون شخصا من أَصْحَابه فجَاء أحد الشُّعَرَاء مِمَّن كَانَ يألفهم فَلَمَّا وجدهم خرج وَكتب على بَاب الْحُجْرَة
(أحد وَعِشْرُونَ لقد جمعُوا ... كلهم فى خلْوَة الحادى)
(فقاتل الْعشْرين رب السما ... ولعنة الله على الحادى)
وَله لطائف من هَذَا الْبَاب كَثِيرَة فَمن ذَلِك مَا كتبه الى أَبى اللطف بن مُحَمَّد الخوجى يطْلب مِنْهُ شدا
(يَا أَبَا اللطف ان فَضلكُمْ ... لَيْسَ يُحْصى بِكَثْرَة الْعد)
(شدّ وسطى بِمَا ترى كرما ... وَلَا تماطل فكثرة الشد)
فسير لَهُ شدا وَأرْسل لَهُ هَذَا الْمَقْطُوع فى كتاب وَهُوَ قَوْله
(مقصد ذَا العَبْد من تفضلكم ... من دون من قبُول ذَا الشد)