للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الميمون وَأخذ عَنْهُمَا فنون الادب وَأخذ التَّفْسِير عَن الشهَاب أَحْمد بن عبد الْوَارِث البكرى والْحَدِيث عَن الْحَافِظ أَبى الْعَبَّاس الْمُقْرِئ وَكلهمْ أجازوه بالافتاء والتدريس ثمَّ قدم الى دمشق فدرس بهَا مُدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة ثمَّ رَحل الى الرّوم وسلك طَرِيق عُلَمَائهمْ فلازم من شيخ الاسلام يحيى بن زَكَرِيَّاء وَكَانَ لزمَه مُدَّة مستطيلة حَتَّى نَالَ مِنْهُ ذَلِك وَرَأَيْت بِخَطِّهِ قِطْعَة انشاء كتبهَا اليه أَيَّام ملازمته وفى صدرها هَذَانِ الْبَيْتَيْنِ

(يَقُول لى النَّاس مذ رأونى ... أسعى لقوت منى يفوت)

(قدمت سعيا فَقلت حاشا ... أَيَّام يحيى مثلى بِمَوْت)

ثمَّ أعقبهما بالنثر وَهُوَ مَدين المآرب ومنتهى المطالب قصدت التَّمَسُّك بثرى أعتابك والتشرف بملازمة بابك وجنابك ليرى مَوْصُول ضميرى بِالْخَيرِ عَائِدًا واسناد خبرى فى رياض بيانك رائدا زَائِدا وَلم يبعثنى لناديك سوى فضلك وجود أياديك والعبودية الَّتِى ورثهَا العَبْد من الْوَالِد عَن الْجد فبالفعل أَنْت مصدر الْكَمَال فَلَا تتركنى بعد نَحْوك ملغى من الاعمال فقد أَصبَحت بحماك نزيلا وفى ذِمَامك خيلا وَلَقَد لقِيت ظاميا بحرا طاميا وَمن قصد الْبَحْر اسْتَقل السواقيا لَا زَالَ رَأْيك الْفَصْل جَامعا لوصل مثلى ومقدمات افضالك مُحَققَة لانتاج شكلى ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ اليونسية برتبة الدَّاخِل وَأخذ وظائف كَثِيرَة عَن أَهلهَا وهم فى الاحياء وَحكى أَن أَتَى بصندوقين من البرآت السُّلْطَانِيَّة وَآل أمره فِيهَا الى الْمَشَقَّة وَالنّصب وَلم يتَصَرَّف مِنْهَا الا بِالْقَلِيلِ وَكَانَت هَذِه الفعلة مِنْهُ أحد اسباب بغض النَّاس لَهُ وَلزِمَ الْعُزْلَة مُدَّة وَحفظ وَكتب وَكَانَ لَهُ فى فن التَّارِيخ وَالسير والوقائع جمعية عَظِيمَة وَله شعر وقفت على كثير مِنْهُ فَمِنْهُ قَوْله من // قصيدة طَوِيلَة حَسَنَة الديباجة // مطْلعهَا

(سواك بقلبى لم يحلل ... وَغير مديحك لم يحل لى)

(وَغَيْرك عِنْد انْعِقَاد الامور ... اذا اشتدت الْحَال لم يحلل)

(قصدتك سعيا على ضامر ... حكانى نحولا وَلم ينْحل)

(يكَاد يسابق برق السَّمَاء ... وَلَوْلَا وجودك لم يعجل)

(وجردت من خاطرى صاحبا ... لشكوى الزَّمَان وَمَا تمّ لى)

(أعاطيه كأس الْهوى مترعا ... شكاة فَأَلْقَاهُ لم يمل لى)

<<  <  ج: ص:  >  >>