للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الكلشني خَليفَة الطَّائِفَة الكلشنية بحلب كَانَ من خِيَار الْخِيَار ذكره أَبُو الوفا العرضي فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي وَصفه أعْطى مِزْمَارًا من مَزَامِير آل دَاوُد وَصَارَ سمير الْعِبَادَة والزهادة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود نَشأ فِي الْعِبَادَة وَالتَّقوى مُنْذُ كَانَ طفْلا وَاسْتمرّ على حَالَة وَاحِدَة شَابًّا وشيخاً وكهلاً قَرَأَ على العرضي الْمَذْكُور فِي المصابيح للْإِمَام الْبَغَوِيّ مُدَّة مديدة ثمَّ استجازه فَأَجَازَهُ بِمَا يجوز لَهُ وَعنهُ رِوَايَته وَقَرَأَ على النَّجْم الحلفاوي فِي النَّحْو وَالْفِقْه مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ أَولا من المريدين للكلشنية وَكَانَت زوايتهم أول من أصلحها وَأَنْشَأَ هَذِه الطَّرِيقَة فِي الديار الحلبية درويش رَجَب ثمَّ إِنَّه فعل أوضاعاً مذمومة ثمَّ تولى المشيخة رضوَان دده فَجَلَسَ مُدَّة وَلم يقبل النَّاس عَلَيْهِ ثمَّ أَدْرَكته الْوَفَاة ثمَّ قدم صَاحب التَّرْجَمَة مجَازًا من الديار المصرية من صَاحب السجادة أحد أَعْيَان ذُرِّيَّة الكلشني فَوَجَدَهُ النَّاس ذَا هَيْئَة حَسَنَة وشكل حسن وَقِرَاءَة حَسَنَة مجودة فَإِنَّهُ قَرَأَ على الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن اليمني أحد أَئِمَّة الْقُرَّاء فِي الديار المصرية وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يقْرَأ بالألحان والأوزان والأنغام من غير أَن يخرج الْحُرُوف والكلمات عَن حُقُوقهَا فاستحلى جَمِيع النَّاس قِرَاءَته وَكَانُوا فِي ليَالِي شهر رَمَضَان يأْتونَ إِلَيْهِ من نواحي حلب للتلذذ بِسَمَاع قِرَاءَته مَعَ الْمُحَافظَة على الدّين والشريعة وَيعرف الْفِقْه معرفَة لَا بَأْس بهَا وَبَعض شَيْء فِي النَّحْو ويقرى المخاديم الصغار الْقُرْآن بالتجويد وَيُعلمهُم مُقَدمَات الْفِقْه وَاللِّسَان الْفَارِسِي مَعَ الضَّبْط لفقرائه بِحَيْثُ أَن غالبهم محافظون على الشَّرِيعَة وَكَانَ لَا يَمُوت أحد من الْأَعْيَان وَغَيرهم إِلَّا أحضروه يذكر أَمَام الْجِنَازَة تبركاً بِهِ ويعظمونه ويعطونه أَكثر من غَيره وَكَانَت الأكابر ترسل إِلَيْهِ بالإحسانات فيبذلها للمريدين وَلَا يخْتَص بهَا وَصَارَ لزاويته بعض خيرات وصدقات حَتَّى انتظم أمرهَا وَكَانَ يُقيم حَلقَة الذّكر لَيْلَة الْجُمُعَة فَيقْرَأ مَعَ الْجَمَاعَة سُورَة تبَارك على أسلوب لطيف تستحليه النَّاس أَرْبَاب الأذواق السليمة ثمَّ يذكر مَعَ الْقَوْم على أسلوب حسن مَعَ الرضى بالقناعة ثمَّ أَنه لما مَاتَ شَيْخه فِي مصر توجه إِلَى مصر ليَأْخُذ الْبيعَة على الشَّيْخ الْجَدِيد فَقدر الله أَن الشَّيْخ الْجَدِيد مَاتَ وَهُوَ فِي خلال الطَّرِيق وَتَوَلَّى غَيره وَحضر صَاحب التَّرْجَمَة فعظموه وأجلوه وَأَعْطوهُ إجَازَة أَيْضا فَرجع عَزِيزًا جَلِيلًا وَأقَام بحلب إِلَى أَن توفّي وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سِتّ وَسبعين وَألف

أصلان دده المجذوب نزيل حلب قَالَ العرضي الْمَذْكُور آنِفا عِنْدَمَا ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>