اخْتَرَطَ فِي مبادي الْعُمر شوك القناد وَاحْتمل المشقات والإنكاد من الْجُوع والعطش والعري والسهر وَكَانَ ينَام فِي الْمَسَاجِد بِغَيْر غطاء مَشْغُولًا بخويصة وجوده فِي منادماته وشهوده وَكَانَ نَائِبا لبَعض قُضَاة حلب فَحصل لَهُ الجذب الإلهي فِيهَا يُقَال إِنَّه قطع خصيتيه قَالَ وسمعته يقْرَأ أَحْيَانًا بعض عِبَارَات كَافِيَة ابْن الْحَاجِب وَكَانَ يسْرد أَحْيَانًا آيَات قرآنية ولازم بَيت القهوة فَكَانَ لَا يخرج مِنْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا إِلَّا أَحْيَانًا قَليلَة وَلَا يتَكَلَّم مَعَ النَّاس إِلَّا الْقَلِيل من الْكَلِمَات تَارَة لَهَا انتظام وَأُخْرَى بِدُونِهِ ثمَّ خدمه رجل يُقَال لَهُ الشَّيْخ مُحَمَّد العجمي وَكَانَ شَيخا معلما لبَعض الأكابر من أَرْبَاب الدول وَكَانَ لَهُ صَوت حسن وَخط حسن فأجل مقَامه وَأظْهر احترامه فعكف الأكابر عَلَيْهِ وقدمت الْأَمْوَال إِلَيْهِ وَشَاهد كثير من النَّاس تصرفه التَّام وَمن كراماته مَا أَخْبرنِي بِهِ صهرنا الشَّيْخ أَحْمد الشَّيْبَانِيّ وَكَانَ عبدا صَالحا مُعْتَقدًا فِي الْأَوْلِيَاء من ذُرِّيَّة قوم كرام من ذُرِّيَّة بني الشَّيْبَانِيّ وَمن ذُرِّيَّة بَيت الشحني أَنه كَانَ لوالده مُعتق يُقَال لَهُ سُلَيْمَان ترقى فِي الرّفْعَة حَتَّى صَار كتخداي جَعْفَر باشا كافل بِلَاد اليمنية أَنه لما رَجَعَ من الْيمن على أنطاكية فَاسْتَقْبلهُ أَحْمد الْمَذْكُور فَأخْرج لَهُ ورقة تَتَضَمَّن أَن الشَّيْخ مُحَمَّد الزّجاج من أهل الْيمن يسلم على أصلان دده وَيقبل أياديه وَقَالَ لي قبل أياديه عني فَأَنا الْآن مَشْغُول بِخِدْمَة الباشا لَا أَسْتَطِيع الذّهاب إِلَى الْمَذْكُور فَأَنت كن نَائِبا عني فَلَمَّا جَاءَ أَحْمد الْمَذْكُور قَامَ لَهُ أصلان دده قَائِلا مرْحَبًا بِالَّذِي جَاءَ لنا بِسَلام أهل الْيمن كررها أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَ وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وكررها أَربع مَرَّات ثمَّ قَالَ رَأَيْت الْجمل قل وَلَا الْجمال وكررها أَيْضا كل هَذَا وَأحمد الْمَذْكُور لم يكلمهُ بذلك وَلَا شطر كلمة وَإِنَّمَا عرض عَلَيْهِ الْأَمر فِي الْبَاطِن وَهَذِه الْكَلِمَات قَالَهَا بالتركي فَإِن أصلان دده كَانَ لَا يعرف الْعَرَبيَّة وَلسَانه تركي فَقَالَ لَهُ درويش على خَلِيفَته الْجَالِس فِي خدمته يَا سَيِّدي حَضْرَة الدده يَقُول لكم السَّلامَة وَلكم الْيمن وَالْبركَة وَلكم الْجمال لمَكَّة فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا صَدقْتُمْ هَذَا تَأْوِيل كَلَام الشَّيْخ
(سَارَتْ مشرقة وسرت مغرباً ... شتان بَين مشرق ومغرب)
وَمن كراماته أَن عسكرياً اشْترى من باياس أرزاً وبناً وسكراً وَقَالَ فِي ضَمِيره أعطي للمذكور مِنْهُ سِتَّة عشر أبلوجاً من السكر وَالْبَاقِي يَبِيعهُ خَلِيفَته سَيِّدي عَليّ ويحط الثّمن على دَرَاهِمه الْكَثِيرَة ثمَّ عدل وَقَالَ آخذ أبلوجين ثمَّ حمل السكر من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute