باياس فَسقط عَن الدَّابَّة وَوَقع فِي المَاء حَتَّى وصل إِلَى التّلف وَقدر الله أَن البن والأرز كَانَا يباعان بِأَحْسَن ثمن فَانْحَطَّ ثمنهَا فَفِي الْحَال ذهب وَأعْطى بَقِيَّة مَا نَذره فِي ضَمِيره فَمَا مضى ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى بَاعَ الْجَمِيع بأرفع الْأَثْمَان وَمِنْهَا أَنى الْفَقِير أردْت أَن آخذ مَكَانا خراباً كَانَ أَصله يُبَاع فِيهِ غزل الصُّوف من مُسْتَحقّ وَقفه فطلبته مِنْهُ فَامْتنعَ وَوَقع فِي خاطري وَكَانَ الْمَذْكُور كثيرا مَا يزورنا فِي زاويتنا العشائرية وَيدخل إِلَى بيتنا ولبيتنا بَاب آخر إِلَى الجراكسية وَإِلَى الْموضع الَّذِي طلبته وَمَا خرج الْمَذْكُور قطّ من ذَلِك الْبَاب فزارنا وَدخل إِلَى بيتنا وَفتح ذَلِك الْبَاب وَتوجه إِلَى ذَلِك الْمَكَان وَأسْندَ إِلَيْهِ ظَهره زَمَانا طَويلا ثمَّ عَاد إِلَى بيتنا وَخرج إِلَى زاويتنا فَفِي الْيَوْم الثَّانِي جَاءَنِي مُسْتَحقّ الْوَقْف يطْلب مني مَا كنت ذكرته لَهُ وَقضى الله الْمصلحَة وَمِنْهَا أَنه يَوْمًا من الْأَيَّام طلب ديوَان حَافظ وَاسْتمرّ عِنْده نَحْو شهر وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ ويقبله فَبعد ذَلِك تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار أَن الْحَافِظ صَار وزيراً أعظم وَكَانَ حِينَئِذٍ فِي آمد وَكَانَت الْهَدَايَا والنذورات تَأتيه على التوالي وتعطيه أَرْبَاب الدول المئات من القروش بِحَيْثُ إِذا شفع فِي أعظم شَفَاعَة تقبل مَعَ أَنه لَا يدْرك شَيْئا بِالْكُلِّيَّةِ لغَلَبَة الجذب عَلَيْهِ حَتَّى بنى لَهُ خَلِيفَته سَيِّدي عَليّ دكاكين وبيوتاً وَأخذ لَهُ خَان الْكَتَّان اتخذ لَهُ قهوة بعض الدكاكين وقف نَاصِر الدّين بن برهَان وَبَعضهَا وقف زَاوِيَة بَيت الشَّيْخ دامان الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الحبال وكتبها لنَفسِهِ فالخلوات ملك ثمَّ وَقفهَا وَأما الأرضية فَإِنَّهَا للْغَيْر بَعْضهَا لجامع نَاصِر الدّين بيك وَبَعضهَا لزاوية بَيت الشَّيْخ دامان فِي سويقة الحجارين وَاتخذ هَذَا الْبناء فِي زمن يسير من وزارة الْحَافِظ وَهُوَ الْوَزير الْأَعْظَم فَأعْطَاهُ ألف دِينَار وَمن عَجِيب أمره أَنه قبيل مَوته حضر لَدَيْهِ إِنْسَان يُشبههُ من كل وَجه بِحَيْثُ لَو رَآهُ الصَّغِير الَّذِي لَا يدْرك شَيْئا وَقيل لَهُ من هَذَا لقَالَ أَخُو أصلان دده فَادّعى أَنه أَخُوهُ وَجلسَ هُنَاكَ وسيدي عَليّ يُنكر ذَلِك فأحضر سَيِّدي عَليّ نَائِب المحكمة الصلاحية وأحضر هَذَا الرجل فَقَالَ من أَنْت فَقَالَ أَنا فلَان بن فلَان وَأمي فُلَانَة فَسمى أَبَاهُ وَأمه وَسُئِلَ صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ لَا يدْرك شَيْئا من الْأُمُور فَقَالَ أَنا فلَان وَأبي فلَان وَأمي فُلَانَة فَسمى أَبَاهُ وَأمه بِغَيْر مَا سَمَّاهُ وَأثبت النَّائِب أَنه لَيْسَ أَخَاهُ ثمَّ لم يفدهم ذَلِك شَيْئا وَاسْتمرّ يَأْخُذ من وقف التكية حَتَّى مَاتَ وَمِنْهَا مَا شَاهد النَّاس مِنْهُ أَنه لما كَانَ السُّلْطَان يطْلب بَغْدَاد كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة فِي تَعب باطني عَظِيم وَكَانَت وَفَاته بعد فتح بَغْدَاد بِقَلِيل وَالْفَتْح كَانَ فِي سنة ثَمَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute