للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرْبَعين وَألف وَقد عَاشَ نَحْو مائَة سنة رَحمَه الله تَعَالَى

الشَّيْخ أكمل الدّين بن عبد الْكَرِيم القطبي مفتي مَكَّة وعالمها كَانَ من الْعلمَاء الأجلاء لَهُ الشُّهْرَة الْعَظِيمَة والهيبة ودرس وَأفْتى وَأفَاد وَأخذ عَن جمَاعَة وَأخذ عَنهُ جمَاعَة وفتاويه شاهدة بِعِلْمِهِ الجم وَهِي مَقْبُولَة فِيمَا بَين عُلَمَاء مَكَّة مَرْغُوب إِلَيْهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من أساطين عُلَمَاء الْحجاز وَكَانَت وِلَادَته لَيْلَة الْخَمِيس سَابِع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي شَهِيدا بالأعاضيد وَهُوَ اسْم مَحل بِهِ نخل ومزارع بَين الطَّائِف والمبعوث لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر شَوَّال سنة تسع بعد الْألف والشريف إِدْرِيس إِذْ ذَاك بالمبعوث وَدفن بالمسيل وَبَنُو القطب بِمَكَّة أَبنَاء علم ورياسة وَسَيَأْتِي مِنْهُم عبد الْكَرِيم بن أكمل الدّين هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

الأديب أكمل الدّين بن يُوسُف الْمَعْرُوف بِابْن كريم الدّين الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الأديب الشَّاعِر الْمَشْهُور كَانَ فَاضلا مفنناً طلق اللِّسَان حُلْو الْعبارَة حسن الْخط عَارِفًا باللغة الفارسية والتركية صَاحب نظم ونثر فيهمَا وَكَانَ جَهورِي الصَّوْت ندي اللهجة متقناً للموسيقى وتوابعها وَله أغان كَانَ يصنعها وتنقل عَنهُ وَألف شرحاً على ديوَان ابْن الفارض لم يشْتَهر وَقد تلقى عَن أَشْيَاخ عدَّة مِنْهُم عبد الرَّحْمَن الْمُفْتِي الْعِمَادِيّ وَفضل الله بن عِيسَى البوسنوي نزيل دمشق وَالشَّيْخ عمر الْقَارِي والشرف الدِّمَشْقِي وَأخذ الحَدِيث عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْمقري وبرع ولازم من شيخ الْإِسْلَام يحيى بن زَكَرِيَّا وَولي نِيَابَة الْقَضَاء بمحاكم دمشق ودرس بِالْمَدْرَسَةِ القصاعية الْحَنَفِيَّة ثمَّ رَحل إِلَى الرّوم وَصَحب مَعَه زَوجته وَأَوْلَاده وَأقَام بهَا مُدَّة جزئية وَأعْطى رُتْبَة الدَّاخِل فَقدم دمشق ثمَّ حبب إِلَيْهِ الانعزال عَن النَّاس وَلزِمَ الْوحدَة حَتَّى ابْتُلِيَ بالماليخوليا وأثرت فِيهِ آثاراً بَالِغَة وَكَانَت تصدر عَنهُ أَحْوَال غَرِيبَة يَجْعَلهَا أَكثر من يعرفهُ أَحَادِيث وأطروفات وَمن أعجبها مَا حَكَاهُ الدرويش ولي الدّين الْموصِلِي الطنبوري وَكَانَ لَهُ بِهِ صُحْبَة قَالَ استدعاني لَيْلَة إِلَى دَاره فَجَلَسْنَا للمفاكهة والغناء إِلَى وَقت نصف اللَّيْل ثمَّ نَهَضَ مسرعاً وَجَاء بِسيف مسلول ثمَّ قَالَ خطر فِي بالي الْآن أَن أَقْتلك وَأَنا مصمم عَلَيْهِ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ ظهر لي أَنَّك جاسوس من جَانب شاه الْعَجم على بِلَادنَا وَأَنا متقرب بقتلك إِلَى خاطر سلطاننا فَإِنَّهُ إِذا بلغه هَذَا حصل لَهُ حَظّ عَظِيم وَإِن أردْت السَّلامَة فَأعْطِنِي موثقًا بأنك إِذا أطلقت ووصلت إِلَى الشاه فَلَا تذكرني فِي مَجْلِسه فَإِنَّهُ رُبمَا يكون ذَلِك سَببا لمجيئه إِلَى بِلَادنَا وَإِن ذَكرتني

<<  <  ج: ص:  >  >>