للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بدّ فَلْيَكُن ذكرك على وَجه الْمَدْح وأعلمه بِأَنِّي أعرف اللُّغَة الفارسية فَإِذا أرسل يطلبني سرت إِلَى خدمته فَإِنِّي سئمت من هَذِه الْبِلَاد وانفصل الْمجْلس بَينهمَا على هَذَا وَله من هَذَا الْقَبِيل أَشْيَاء أخر أَعرَضت عَلَيْهَا لشهرتها وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن أَوَائِله كَانَت فِي غَايَة من الظّرْف والكمال وَله أشعار كلهَا جَيِّدَة لَطِيفَة مستعذبة مِنْهَا قَوْله

(وحديقة ينساب بَين غصونها نهر يرى كالفضة الْبَيْضَاء ... )

(قد ألبسته يَد الجنائب وَالصبَا ... زرداً كنبت الرَّوْضَة الْغناء)

(دولابه بنحيبه كمذكر ... عهد الشَّبَاب ومعهد السَّرَّاء)

(أبدا يَدُور على الْأَحِبَّة باكياً ... بمدامعٍ تربو على الأنواء)

(ناح الْحمام عَلَيْهِ قدماً فَهُوَ فِي ... ترجيعه موف قديم إخاء)

وَقد أَجَاد فِي قَوْله من ربَاعِية

(حَيا وَسَقَى الحيا الربى والسفحا ... من غادية تشبه دمعي سفحا)

(وَالله وَمَا ذكرت عيشي بهما ... إِلَّا وَضربت عَن سواهُم صفحا)

وَقَالَ معمياً فِي اسْم عِيسَى

(وَجهك الشَّمْس على ... قدّ لَهُ الْخَال شعار)

(فتْنَة الْعَالم دارت ... مِنْك إِذْ دَار العذار)

أَرَادَ بالشمس الْعين وبالقدّ الَّذِي لَهُ الْخَال شعار الْيَاء ونقطها وبالعذار المُرَاد بِهِ آس إِذا دَار كَانَ ساو فِيهِ دخل من جِهَة كِتَابَة عِيسَى بِالْيَاءِ الْمُسْتَخْرج للمعمي إِنَّمَا يسْتَخْرج مَا يرَاهُ مَكْتُوبًا وَالْأَمر فِي ذَلِك سهل وأشعاره كَثِيرَة وَقد استوعبت مِنْهَا طرفا فِي كتابي النفحة فَرَاجعه إِن شِئْت وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف وَتُوفِّي فِي حادي عشري صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى

اله بخش الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى واله بخش لفظ فَارسي مَعْنَاهُ عَطِيَّة الله الْهِنْدِيّ النقشبندي كَانَ صَاحب معرفَة وَكَمَال وتكميل وَكَانَت تطريقته طَريقَة العشقية وَكَانَ عالي المشرب نِهَايَة فِي المعارف نقلت عَنهُ التصرّفات العجيبة والكرامات الغريبة وَهُوَ من أجل مَشَايِخ الْعَارِف بِاللَّه تَاج الدّين الْهِنْدِيّ النقشبندي نزيل مَكَّة وَله مَعَه خوارق مِنْهَا أَن الشَّيْخ أرْسلهُ إِلَى بلد أمروهة لخدمة فَكَانَ يمشي فِي الطَّرِيق فَرَأى فِي أثْنَاء طَرِيقه امْرَأَة جميلَة فَتعلق قلبه بهَا وَصَارَ مشغوفاً بهَا حَتَّى خرج زِمَام اخْتِيَاره من يَده وَنسي تِلْكَ الْخدمَة وتبعها فَبَيْنَمَا هُوَ ذَلِك إِذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>