أَنَّهَا تلثمت بِبَعْض النصيف الَّذِي على رَأسهَا فَصَارَت بذلك ساترة لنصف وَجههَا الْأَسْفَل الْمُشبه بالبد فَصَارَ نصيفاً ونقاباً والنقاب مَا تنقبت بِهِ الْمَرْأَة كَمَا فِي الْقَامُوس وَهُوَ شَامِل لما كَانَ مُسْتقِلّا وَبَعض شَيْء آخر كَمَا يُقَال مثله أَيْضا فِي النصيف فَهُوَ نصيف وَإِن غطى رَأس الرَّأْس مَعَ الرَّأْس وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ عَادَة غَالب النِّسَاء الحسان فِي قطر الْعَرَب فَإِن الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ تنتقب بفاضل خمارها فتفتن الْعُقُول بِمَا ظهر من لواحظها وأسحارها انْتهى وَكتب القَاضِي تَاج الدّين إِلَى القَاضِي أَحْمد بن عِيسَى المرشدي معتذراً عَن وُصُوله إِلَيْهِ بعد وعده لَهُ بِهِ لعروض مَانع عرض لَهُ بقوله بديها
(أَيهَا المعشر الَّذين إِلَيْهِم ... وَاجِب أَن يكون سعياً براسي)
(لَا تظنوا تركي الْوُصُول إِلَيْكُم ... لملالي ودادكم أَو تناسي)
(أَو تراخ عَنْكُم وَإِن كَانَ عُذْري ... هُوَ أَنِّي ندبت خير اناس)
فَأَجَابَهُ بقوله
(قد أَتَانِي اعتذاركم بعد أَنِّي ... بت من هجرك الْأَلِيم أقاسي)
(فتلقيته بصدر رحيب ... ولصقت الْكتاب عزا براسي)
(غير أَنِّي لَا أرتضيه إِذا لم ... تنعموا بالوصال والإيناس)
(وأقلني العثار فِي النّظم أَنِّي ... قلته والفؤاد فِي وسواس)
وَكتب إِلَى شَيْخه عبد الْملك العصامي مسائلاً بقوله
(مَاذَا يَقُول إِمَام الْعَصْر سيدنَا ... وَمن لَدَيْهِ ينَال الْقَصْد طَالبه)
(فِي الدَّار هَل جَائِز تذكير عائدها ... فِي قَوْلنَا مثلا فِي الدَّار صَاحبه)
(وَمن إبانة همز ابْن أَرَادَ فَهَل ... يكون موصوفه سما يُطَالِبهُ)
(أم كَونه علما كَاف وَلَو لقبا ... أَو كنية إِن أَرَادَ الْحَذف كَاتبه)
(أفد فَمَا قد رَأينَا الْحق منخفضاً ... إِلَّا وَأَنت على التَّمْيِيز ناصبه)
فَأَجَابَهُ بقوله
(يَا فَاضلا لم يزل يهدي الفرائد من ... علومه وتروّينا سحائبه)
(تأنيثك الدَّار حتم لَا سَبِيل إِلَى التَّذْكِير ... فامنع إِذا فِي الدَّار صَاحبه)
(وَالِابْن موصوفه عمم فَإِن لقبا ... أَو كنية فارتكاب الْحَذف واجبه)
(هَذَا جوابي فاعذر أَن ترى خللاً ... فمصدر الْعَجز وَالتَّقْصِير كَاتبه)
(لَا زلت تاجاً لهامات الْهدى علما ... فِي الْعلم يحوي بك التَّحْقِيق طَالبه)