للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حضر سماطا وإمامه الْجُنَيْد فَبَالغ فِي النهمة وَكَانَ فِي الْمجْلس بعض الأدباء فَأَنْشد قَول أبي مُحَمَّد الْقزْوِينِي الضَّرِير فِي رجل أكول

(وَصَاحب لي بَطْنه كالهاوية ... كَانَ فِي أمعائه مُعَاوِيَة)

قَالَ لي الْوَالِد وَهَذَا الْبَيْت قد ذكره الثعالبي فِي اليتيمية وإستجاد وجازه لَفظه وَوُقُوع الأمعاء إِلَى حنب مُعَاوِيَة لمزية ثَالِثَة وَهِي كَون الَّذِي أنْشد فِيهِ من نسل مُعَاوِيَة وَحضر لَيْلَة فِي دَعْوَة كَانَ فِيهَا حَافظ الْمغرب أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْمقري وَأحمد بن شاهين الْمُقدم ذكرهمَا فَلَمَّا قدم الطَّعَام قَامَ الْجُنَيْد وَتَوَضَّأ وَصلى بعض رَكْعَات فَقَالَ الْمقري مستجيزا

(قَامَ الْجُنَيْد يُصَلِّي ... وَنحن نَأْكُل عَنهُ)

فَأَجَابَهُ ابْن شاهين

(تقبل الله منا ... وَلَا تقبل مِنْهُ)

وقصيدة مُحَمَّد الكريمي الَّتِي قَالَهَا فِي هجائه مَشْهُورَة وَهِي طَوِيلَة فَنَذْكُر بَعْضًا مِنْهَا فَإِنَّهَا من رائق الْكَلَام وَسبب انشائها أَن بعض أدباء دمشق وَمِنْهُم الْجُنَيْد كَانُوا مُجْتَمعين فِي مَحل وَبَين يديهم رمان يَأْكُلُون فطلع عَلَيْهِم الكريمي فَقَامَ الْقَوْم كلهم إِلَّا الْجُنَيْد فَأَنْشَأَ الكريمي هَذِه القصيدة ومطلعها

(تزهو بشاشك أَو بِمَالك ... وَكِلَاهُمَا من حَظّ مَالك)

(فَم كم تنام وَفِي الْهوى ... مِنْهَا لكايا سوء حالك)

(كَيفَ الْقيام لناسك ... إِنِّي لَا عجب من محالك)

مِنْهَا

(إِن الْمُعظم نَفسه ... يَا شيخ فِي بَحر المهالك)

(يَا عير قَامَ الْقَوْم لي ... إِلَّا حمارا من مثالك)

(لَكِن عذرك وَاضح ... فالأكل من أقوى اشتغالك)

(هَذَا عتاب لاهجا ... وعظيم أَنْفك مَعَ سبالك)

(حررته مُسْتَغْفِرًا ... إِذْ كدت أَدخل فِي وبالك)

(هَذَا وَمَا عهد الْقيام ... من الجماد فدم بحالك)

وَمِنْهَا

(صدقت استاذي الْعِمَادِيّ ... فِي شَهَادَته بذلك)

(بقصيدة الْكرْدِي والأغنام ... فاجعلها ببالك)

(فاشكر صنيعي إِن عقلت ... وَإِن ترم خُذْهَا بفالك)

(إِنِّي رَأَيْتُك قد مقت ... بعيد زهوك واختيالك)

(واغتضت بالدنيا عَن الْأُخْرَى ... فراقب نَار مَالك)

<<  <  ج: ص:  >  >>