ظهر لي أَن الْحق بيد أحد كَمَا غرمت الآخر ثمن الْجمل فَأمر بِذبح الْجمل فذبح وَأمر باستخراج مخه فاستخرج فَتَأَمّله وَقضى بالجمل للشامي وَأمر الْمصْرِيّ بِتَسْلِيم الْقيمَة فَقيل لَهُ فِي ذَلِك رَأَيْت مخه منعقدا فاستدليت بذلك فَإِن أهل الشَّام يعلفون دوابهم الكرسنة وَهِي تعقد المخ وَأهل مصر يعلفون الفول وَهُوَ يعْقد الشَّحْم دون المخ فَظهر بعد ذَلِك أَن الْحق كَمَا قَالَ وَمن ذَلِك أَن شخصا دفن مَالا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانَ شخص يرقبه فَلَمَّا قصد لنفر مِنْهَا إِلَى منى وجد المَال قد حفر عَنهُ وَأخذ وَلم يظفر بأثر من آثَار الْغَرِيم إِلَّا بعصا ملقاة فَأَخذهَا وَرفع شكواه إِلَيْهِ وَذكر لَهُ الْقِصَّة فَسَأَلَهُ هَل وجد من أثر فَقَالَ نعم وجدت عَصا ملقاة فطلبها مِنْهُ فأحضرها ثمَّ تأملها فَأمر بإحضار جمَاعَة مخصوصين من الْعَرَب فَحَضَرُوا فأشرفهم على الْعَصَا وسألهم هَل يعْرفُونَ صَاحبهَا فَقَالُوا نعم هِيَ عَصا فلَان فَأحْضرهُ وَسَأَلَهُ فَأنْكر فَشدد عَلَيْهِ فَأقر بِالْمَالِ وَمن ذَلِك أَن شخصا من سَادَات الْيمن وصل إِلَى مَكَّة بِجَارِيَة حسنا مِنْهَا نَحْو الْعشْر سنوات فتعصب عَلَيْهِ طَائِفَة نم الجبرت وَادّعى بَعضهم أَنَّهَا حرَّة الأَصْل وَأَنَّهَا بنت فلَان وَشهد مِنْهُم شاهدات من طلبة الْعلم بذلك واستخلصوها من يَد ذَلِك السَّيِّد قهرا فَرفع الْقَضِيَّة لَهُ فَطلب الشَّاهِدين وَأخذ يستدرجهما بمدحهما وأنهما من مشاهير من جاور بِمَكَّة من مُدَّة طَوِيلَة وَأَن شَهَادَتهمَا مَقْبُولَة ثمَّ سَأَلَهُمَا عَن الشَّهَادَة فأدياها كَمَا سبق وَأَنَّهَا بنت فلَان الجبرتي ولدت بِبَلَدِهِ وَنحن بهَا قبل وصولنا إِلَى مَكَّة فَقبل شَهَادَتهمَا ثمَّ سَأَلَهُمَا عَن مُدَّة أقامتهما بِمَكَّة وَهل خرجا بعد دخولهما فَذكر أَن الْمدَّة تنوف على ثَلَاثِينَ سنة وأنهما مَا خرجا مِنْهَا إِلَى بلدهما بعد أَن دخلا فشاغلهما بالْكلَام سَاعَة ثمَّ سَأَلَهُمَا عَن سنّ الْجَارِيَة فَقَالَا لَهُ نَحْو عشر سِنِين فَأخذ يسبهما وَيتَكَلَّم عَلَيْهِمَا حَيْثُ شهد بولادتها وهما ببلدها وَقصد اتلافهما وَأعَاد الْجَارِيَة إِلَى سَيِّدهَا وَكَانَت هَذِه الْحُكُومَة مِنْهُ حِكْمَة بَالِغَة فَإِنَّهُ قَصم بهَا طَائِفَة الجبرت عَن مثل ذَلِك فَإِنَّهُم سلكوا هَذَا المسلك مُدَّة واستخلصوا بِهِ أرقاء النَّاس من أَيْديهم
(هَذَا ومولانا رفيع الْعلم ... مِمَّن حظى بِسَيْفِهِ والقلم)
(فَإِنَّهُ إِن بالمداد رقا ... فَكل مَا أبداه كَانَ حكما)
(لَهُ الْكَلَام الْجَامِع الْمُهَذّب ... فِي فهمه لكل شخص مَذْهَب)
(وَكم لَهُ من حسن المحاضرة ... مَا فَاتَ الْعَرَب بِهِ والحاضرة)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute