للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ألم تَرَ من سموهُ يحيى تفاؤلا ... سَيبقى غَدا فِي الْحَال رهن أبي يجيى)

(فويل امهِ الثكلى لَو أنّ مصابها ... برضوى دحاء الْخطب فِي أرضه دحيا)

(تصوّره حَيا لفرط ذهولها ... وتسأل مِنْهُ أَن يرّد لَهُ هَديا)

(تعانقه والعنق يجْرِي لَهَا دَمًا ... أظننت خلوقا حَيْثُ لم تملك الوعيا)

(بَكَى لبكاها الجوّ وانهل دمعه ... بتموز شاهدنا يذرى الحياذر يَا)

(وضج جَمِيع النَّاس ضجة وَاحِد ... لَهُ وَاحِد من فقد واظب النعيا)

(فَلَو أَنه يفْدي فدته نفوسنا ... وسبقت لَهُ الْأَرْوَاح فِي حبه هَديا)

(ولكنما الأقدار إخفاء سرّها ... لقد أذهل الأفكار وَالْعقل والرأيا)

(فَإِن نَاب خطب سلم الْأَمر للَّذي ... بِحِكْمَتِهِ قد أحكم الْأَمر والنهيا)

(وصبرا فَمَا الدُّنْيَا بدار إِقَامَة ... كَأَنَّك بالأحياء قد فاقوا الأحيا)

(ألم يَك فِي قتل الْحُسَيْن مواعظ ... لمن رام انصافا من الدَّهْر أَو بقيا)

(فَلَو تمّ شَيْء كَانَ آل نَبينَا ... أَحَق بِهِ من سَائِر النَّاس فِي الدُّنْيَا)

(وَلكنهَا دَار الإهانة والعنا ... فتعسا لأَهْلهَا وخزيا لَهُم خزيا)

(تبدّدهم فتكا وَلَا يتركونها ... وتسقيمهمو سما يَظُنُّونَهُ ريا)

(تسرهم كَيْمَا تعنّ بِفِعْلِهَا ... وتلهيهمو نزرا وتفريهمو فريا)

وَقد أطلنا الْكَلَام وَلَوْلَا خوف السَّآمَة لذكرت من محَاسِن هَذَا الْأَمِير ونوادره وأشعاره شَيْئا كثيرا وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ زِينَة أُمَرَاء عصره وَمَعَ شهرته التَّامَّة وأدبه الغض لم يذكرهُ أحد من المؤرخين وَلم أظفر بِشَيْء من خَبره إِلَّا فِي وريقات بِخَط إِبْرَاهِيم رامى وَهَذَا من أعجب الْعجب وَقد ذكر إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور أَن وَفَاته لَيْلَة النّصْف من شعْبَان سنة تسع عشرَة وَألف وَدفن أَمَام دَاره بِجَامِع المرابد عِنْد وَالِده وأجداده قَالَ إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور واخبرني بعض أفاضل حماة مِمَّن كَانَ ينخرط فِي سلك ندماء الْأَمِير حسن بن الأعوج قَالَ دخلت عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَعِنْدَ دخولي أقبل بريد من الْبَاب العالي وبشره بإمارة حماة وَكَانَ لَهُ مُدَّة لم يتولها وناوله من يَده منشور الْحُكُومَة فَالْتَفت إِلَى الْبَرِيد وَقد أغر ورقت عينه بالدموع وتنفس الصعداء وَقَالَ بِصَوْت ضَعِيف قضى الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان قَالَ فدعوت لَهُ بطول الْعُمر وسليته عَمَّا كَانَ فِيهِ من الأضطراب والألم فتلهف وتفجع وَبكى بكاء شَدِيدا ثمَّ مسك يَدي وَقَالَ أرى الْأَمر قد آن وَقرب الإرتحال وَلَا أرى لي مخلصا بعد مَا أناقيه من شدَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>