للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَرَض ثمَّ أنْشد بديها لنَفسِهِ

(لَا يحْسب الْإِنْسَان بعد ذَهَابه ... مكث الأسى فِي عشرَة وقرين)

(فِي الْحَال يعتاضون عَنهُ بِغَيْرِهِ ... وَيعود رب الْحزن غير حَزِين ... )

(العندليب الْورْد كَانَ أَمَامه ... لما قضي غَنِي على النسرين)

ثمَّ فارقته فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة قضى نحبه وَلَقي لرَبه رَحمَه الله تَعَالَى

الشَّيْخ حسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الصفوري الأَصْل الدِّمَشْقِي الملقب بدر الدّين البوريني الشَّافِعِي ذكره كثير من المؤرخين وأرباب الْآدَاب وأثنوا عَلَيْهِ وَكَانَ فَرد وقته فِي الْفُنُون كلهَا وَكَانَ يحفظ من الشّعْر والْآثَار وَالْأَخْبَار وَالْأَحَادِيث المسنده والأنساب مَا لم يرقط من يحفظ مثله ويحفظ دون ذَلِك من عُلُوم أخر مِنْهَا اللُّغَة والنحو وَالسير والمغازي وَمن آلَة المنادمة شَيْئا كثيرا وَألف التآليف البديعة مِنْهَا تحريراته على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وحاشية على المطول وَشرح ديوَان ابْن الفارض وَهُوَ أشهر تآليفه والتاريخ الَّذِي هُوَ أحد مآخذ تاريخي هَذَا وَقد سبق ذكر ذَلِك فِي الديباجة وَله رحْلَة حلبية وَأُخْرَى طرابلسية وَسبع مجاميع بِخَطِّهِ وسمهم بالسبع السيارة وَله رسائل كَثِيرَة ومنشآت عديدة وَجمع ديوانا من شعره وَهُوَ سَائِر متداول فِي أَيدي النَّاس وَكَانَ عَالما محققا ذكي الطَّبْع فصيح الْعبارَة طليق اللِّسَان متين الْحِفْظ حسن الْفَهم عذب المفاكهة وَكَانَ أَبوهُ فِي مبدأ أَمر منجدا ثمَّ صَار عطارا ثمَّ انْقَطع عَن الحرفة وَلزِمَ وَلَده وَكَانَت أمه من صفورية وَأَبوهُ من بورين وَولد هُوَ ببورين ثمَّ هَاجر بِهِ أَبوهُ فِي سنة ثَلَاث أَو أَربع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ عمره أحدى أَو اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَنزل بصالحية دمشق بِالْقربِ من الْمدرسَة العمرية وأخذله حجرَة بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وَشرع فِي الإشتغال فَقَرَأَ النَّحْو والفرائض والحساب على الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم بن الأحدب الْمُقدم ذكره وعَلى الشَّيْخ أبي بكر الذباح وَالشَّيْخ غَانِم الْمَقْدِسِي الضَّرِير نزيل دمشق وَلَا زَالَ فِي الإشتغال إِلَى سنة خمس وَسبعين وَتِسْعمِائَة فَحصل بِدِمَشْق قحط فارتحل مَعَ وَالِده إِلَى بَيت الْمُقَدّس فاشتغل بهَا على شيخ الْإِسْلَام مُحَمَّد بن أبي اللطف إِلَى حُدُود سنة تسع وَسبعين ثمَّ عَاد إِلَى دمشق وَنزل مَعَ أَبِيه وَأمه بميدان الْحَصَى ودأب فِي التَّحْصِيل وَأخذ عَن الجلة من الْعلمَاء مِنْهُم الشهَاب الطَّيِّبِيّ الْكَبِير وَولده الشهَاب الطَّيِّبِيّ الْأَوْسَط وَعَن الشَّيْخ الْإِسْلَام الْبَدْر الغزى وَولده الشهَاب أَحْمد

<<  <  ج: ص:  >  >>