للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَرَأَ المعقولات على جدى الْعَلامَة أبي الفدا إِسْمَاعِيل النابلسي والعماد الْحَنَفِيّ وَالشَّمْس مُحَمَّد بن المنقار والنجم مُحَمَّد بن البهنسي خطيب دمشق وَأخذ الحَدِيث عَن الشَّمْس مُحَمَّد الدَّاودِيّ والشهاب أَحْمد العيثاوي وساد على أهل عصره وتصدر للتدريس وأملى على التَّفْسِير للبيضاوي والكشاف وَالْمولى أبي السُّعُود وَحج قَاضِيا بالركب الشَّامي سنة عشْرين وَألف ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية الجوانية والشامية البرانية والعادلية الصُّغْرَى والفارسية والمدرسة الكلاسة وَكَانَ لَهُ بقْعَة تدريس بالجامع الْأمَوِي وَوعظ بِجَامِع السُّلْطَان سُلَيْمَان بِدِمَشْق واشتهر فَضله وشاع ذكره وَلما ورد دمشق الْحَافِظ الْحُسَيْن التبريزي الْمَعْرُوف بِابْن الكربلالي فِي حُدُود سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة صَحبه وَتعلم مِنْهُ اللُّغَة الفارسية حَتَّى صَار يتَكَلَّم بهَا كَأَنَّهُ أعجمي وَفِي ذَلِك يَقُول

(تعلمت لفظ الأعجمي وإنني ... من الْعَرَب العرباء لَا أتكتم)

(وَمَا كَانَ قصدي غير صون حديثكم ... إِذا صرت من شوقي بِهِ أترنم)

(وَإِن كنت بَين المعجمين فمعرب ... وَإِن كنت بَين المعربين فعجم)

(فأغدوا بأشواقي إِلَيْكُم مترجما ... وسركم فِي خاطري لَيْسَ يعلم)

ثمَّ تعلم فِي آخر حَالَة التركية وَكَانَ فِي الفارسية أبرع ونظم ونثر وَكَانَ من عَادَته الأطراء فِي مديحه فَإِذا كتب على شَيْء أَطَالَ جدا وَذكر النَّجْم الْغَزِّي قَالَ كنت مرّة عِنْد شَيخنَا القَاضِي محب الدّين يَعْنِي جدي فَدخل عَلَيْهِ سَالم العواد وَمَعَهُ محضربخط العناياتي وَقد قرظ عَلَيْهِ البوريني فَأطَال وأوسع فَلَمَّا تَأمله شَيخنَا قَالَ سُبْحَانَ الله مَا ترك البوريني فِي البراني شرابًا ولمح لما اشْتهر عَنهُ من نسبته إِلَى شرب الراح وَلم يكْتب عَلَيْهِ شَيخنَا وَوَقع لقَاضِي الْقُضَاة بِمصْر الْمولى يحيى بن زَكَرِيَّا أَن البوريني لما عمل مجْلِس الحَدِيث بعد صَلَاة الْمغرب بالجامع الْأمَوِي وَكَانَ يتَكَلَّم على الشفا وَيُوضَع لَهُ الفانوس تقليداً للبكريين بِمصْر وَطلب البوريني من الْمولى يحيى حُضُور مَجْلِسه فحضره مرّة فَلَمَّا دَار الْكَلَام عِنْد الْمولى يحيى فِي تدريس البوريني قَالَ هُوَ بكري دمشق موريا فِي لفظ بكري فَإِنَّهُ فِي اللُّغَة التركية مدمن الشَّرَاب وَإِنَّمَا أشاع النَّاس ذَلِك عَنهُ لِأَنَّهُ كَانَ يعاشر الدولة كثيرا ويبيت عِنْدهم فَرُبمَا ذكر عَنهُ جَمَاعَتهمْ مثل ذَلِك وَذكره البديعي فِي ذكرَاهُ وَقَالَ فِي وَصفه حَسَنَة ازدان بهَا الدَّهْر ازديان الوجنات بالحبات وتاهت بِهِ الْأَيَّام إِذْ كَانَ لَهَا من الْحَسَنَات ومذ رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>