للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعلم وَكَانَ مُعْتَقد اللصوفية مُصدقا بِجَمِيعِ مَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ وَقد قَالَ الْجُنَيْد التَّصْدِيق بعلمنا هَذَا ولَايَة وَقَالَ إِذا رَأَيْتُمْ الرجل مُعْتَقد اللصوفية فَاطْلُبُوا مِنْهُ الدُّعَاء فَإِنَّهُ مجاب الدعْوَة وَكفى بِأبي الْقسم شَاهد حق وَصدق وَكَانَ قَائِلا بوحدة الْوُجُود الَّتِي عَلَيْهَا أَكثر الْمُحَقِّقين وَكَانَ يحضر درس الشَّمْس البابلي وَالشَّيْخ عِيسَى المغربي ثمَّ تجرد لِلْعِبَادَةِ ولازم الْمكتب الشَّرْعِيَّة حَتَّى صَار من أكَابِر العارفين المرشدين ولازم التِّلَاوَة وَالذكر وَله نظم حسن وَكَانَ ذَا ذوق وَفهم وَله تعلق بالأدب حفظ كثيرا من المقامات الحريرية وانتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ وَلما حج السَّيِّد عبد الله بن علوي الْحداد فِي سنة تسع وَسبعين قَامَ فِي خدمته وأكرمه إِكْرَاما عَظِيما وأنزله فِي دَاره وَقَامَ بِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَة مريديه وزار مَعَه النَّبِي

ولازمه وَمرض بِالْمَدِينَةِ مَرضا شَدِيدا فكشف للسَّيِّد عبد الله أَن مدَّته قد انْقَضتْ فاستوهب لَهُ من جماعنه بعض أعمارهم فوهبوه وَتشفع بِالنَّبِيِّ

فِي ذَلِك فَقبل وعاش بقد مَا وهبوه لَهُ وَمن نظمه قَوْله

(لمعت لنا أنوار ليلى واعتلت ... ثمَّ انْثَنَتْ تدنوا إِلَيْنَا واختفت)

وَمِنْه أَيْضا

(بدالي سنا نجد فغابت نجومه ... فأفنى وجودي فِي شموس همومه)

(وأبقاني الْوَصْف الشهودي فانياً ... وَأَحْكَام رسمي قد محته رسومه)

(إِذا أَن لَا أفني وَلم أك بِالَّذِي ... أحَاط بِهِ الْمَعْنى فَأنى عديمه)

(مَعَانِيه فِي المجلى تعاظم قدرهَا ... ويحظى بهَا من كَانَ حَقًا عظيمه)

(شُهُودًا وَعرفا ناتراً كم فيضه ... على من سقَاهُ الوجد كأساً يقيمه)

(شراب قديم ذُو نعيم معجل ... وساقيه قد أسْقى الندامة نعيمه)

(هُوَ الذَّوْق للمشروب فَأعلمهُ يَا فَتى ... فَمن ذاق ذَاك الشّرْب فَهُوَ عليمه)

(بِعلم قديم وَهُوَ فِي الْخلق حَادث ... وَمن حَضْرَة الْأَسْمَاء كَانَت علومه)

(عُلُوم لَهَا فِي كل روح سرَايَة ... كنوز أَضَاءَت فِي الدياجي نجومه)

(هُوَ الشَّمْس للأكوان وَالشَّمْس بدره ... بل الرّوح للأرواح طَابَ شميمه)

ونظم تائية حَسَنَة على طَريقَة ابْن الفارض مطْلعهَا

(بعثت غرامي حاد للأحبة ... يحثهم شوقاً لعزة عزة)

وَمِنْهَا قَوْله

(مظَاهر أَعْيَان الكيان تصورت ... وجود بلاعين على العدمية)

(وَمن عجب أَنِّي أرى الْكَوْن ظَاهرا ... وَلَيْسَ لَهُ عين سوى المظهرية)

<<  <  ج: ص:  >  >>