الشَّيْخ خضر بن عَطاء الله الْموصِلِي نزيل مَكَّة الْعَالم الأديب الْمَشْهُور كَانَ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة واللغة ومعاني الْأَشْعَار حَافِظًا لكثير مِنْهَا كثير الْعِنَايَة بهَا حسن الضَّبْط مَشْهُورا بمعرفتها وإتقانها هَاجر إِلَى مَكَّة فقطن بهَا وانتظم فِي سلك علمائها وَألف فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة باسم السَّيِّد حسن بن أبي نمى أَمِير مَكَّة كِتَابه الْإِسْعَاف بشرح أَبْيَات القَاضِي والكشاف وَهُوَ كتاب لم تكتحل عين الدَّهْر لَهُ بنظير وَلَا احتوى على مثل أزهار أَلْفَاظه وثمار مَعَانِيه روض نضير وَأَجَازَهُ عَلَيْهِ من المَال ألف دِينَار وَألف باسمه أَيْضا أرجوزة طَوِيلَة فِي فضل أهل الْبَيْت ووقائعهم وَلم يزل مُقيما فِي الْحرم واردا مناهل الْفضل وَالْكَرم حَتَّى رَمَاه عِنْد الشريف وزيره ابْن عَتيق بِأَنَّهُ ينْسب إِلَيْهِ الْمَظَالِم وَيكْتب بذلك إِلَى الرّوم والعجم وَهُوَ مَقْبُول القَوْل عِنْدهم فَأذن لَهُ الشريف فِي إجلائه عَن الْبَلَد الْحَرَام وألزمه بِالْخرُوجِ للْحَال فَخرج مُتَوَجها إِلَى مَدِينَة الرَّسُول وَقد ترنق ورد حَيَاته المغول وَمَا أبعد عَن مَكَّة مرحلَتَيْنِ حَتَّى استولى الْوَزير على دَاره وَنهب جَمِيع مَا فِيهَا ونادى عَلَيْهِ فِي الْأَسْوَاق كَمَا يُنَادي على تركات الْأَمْوَات فَبَلغهُ الْخَبَر فِي أثْنَاء الطَّرِيق فَأصْبح وَهُوَ فِي يم الْهم غريق وفاجأه أَجله قبل وُصُوله إِلَى الْمَدِينَة وَقد ذكره الخفاجي فِي كِتَابيه وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَأنْشد لَهُ من شعره قَوْله مضمنا فِي البرش
(تبدل عَن البرش المبلد بالطلا ... فعالم أهل البرش غمر وجاهر)
(فَمَا البرش أَن فتشت عَن كنهه سوى ... دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل)
قَالَ وَمِمَّا مدحته بِهِ فِي شبيبتي قبل نوم سيارة همتي وخمود نَار شرتي
(وصبا من كؤس ذكرك سكرى ... لَك حملتها ثَنَاء وشكرا)
(ولوجدي رقت كطبعك لطفا ... واستعارت من طيب ذكرك نشرا)
(مَعَك الْقلب حَيْثُمَا سرت يسرى ... فاسألنه عَن فَذَلِك أدرى)
(من أولي الْعَزْم لي فؤاد كليم ... فِي الْهوى لَا يزَال يتبع خضرًا)
قلت وَرَأَيْت لَهُ من شعره هَذِه القصيدة مدح بهَا الشريف حسن الْمَذْكُور ومطلعها
(بدر الْمُلُوك أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو ... عَليّ الْحسنى السَّامِي بِهِ ساموا)
(خَليفَة الله من دَانَتْ بنصرته ... وَمَا يَشَاء من الأفلاك أجرام)
(فِي كل نَاد لَهُ صيت يهتم بِهِ ... فِي كل وَاد عداهُ خشيَة هاموا)
(لَو سَابق الدَّهْر لاستدراك فَائِتَة ... لرد مِمَّا حواه الدَّهْر أَعْوَام)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute