وَقد فحصت لَهُ عَن غير هَذِه الأبيات العينية الْمُتَقَدّمَة فَلم أظفر بِشَيْء وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ من نَوَادِر الزَّمَان وأعاجيب الدوران وَكَانَت إِقَامَته بِمَكَّة دون السّنة وَمَات بهَا فِي سنة ثَمَان بعد الْألف هَكَذَا ذكره الشلي وَكَانَ مرض مَوته الإسهال عَن تنَاول عِنَب وَبَعْضهمْ يزْعم أَنه سم وَالله أعلم
درويش مُحَمَّد بن أَحْمد وَقيل مُحَمَّد أَبُو الْمَعَالِي الطالوي الأرتقي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ أحد أَفْرَاد الدَّهْر ومحاسن الْعَصْر وَكَانَ ماهرا فِي كل فن من الْفُنُون مفرط الذكاء فصيح الْعبارَة منشئا بليغا حسن التَّصَرُّف فِي النّظم والنثر وَله كتاب سانحات دمى الْقصر جمع فِيهَا أشعاره وترسلاته وَهُوَ كتاب حسن الْوَضع متداول فِي أَيدي النَّاس ووالده رومي المحتد قدم إِلَى دمشق فِي صُحْبَة السُّلْطَان سليم وَكَانَ خَادِمًا لبَعض أَتْبَاعه فَتزَوج أم درويش مُحَمَّد وَهِي عنقًا بنت الْأَمِير عَليّ بن طالو وقطن مَعهَا بمحلة التَّعْدِيل من دمشق ثمَّ إِنَّه انْكَسَرَ عَلَيْهِ بعض مَال من ضَمَان أَمَانَة أقطاع كَانَت عَلَيْهِ فسارعن دمشق فَنَشَأَ وَلَده درويش مُحَمَّد فريدا وَأعْطى من أقطاع وَالِده حِصَّة يسيرَة وَفرغ عَنْهَا الآخر وَلزِمَ صَنْعَة السُّرُوج وَلم يطلّ مكثه بهَا حَتَّى جذبه الشهَاب أَحْمد بن الْبَدْر الْعزي إِلَيْهِ وَكَانَ توسم فِيهِ قابلية الْعلم وحبب إِلَيْهِ الطّلب وَلما ذاق حلاوة الْعلم أَشَارَ إِلَيْهِ بترك زِيّ الْجند وَلبس زِيّ الْعلمَاء ثمَّ صحب الْعَلامَة أَبَا الْفَتْح مُحَمَّد الْمَالِكِي فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب والرياضي والمنطق وَالْحكمَة والتصوف وَغَيرهَا وَلَزِمَه مُدَّة مديدة وَأخذ عَن جمَاعَة من فضلاء الْعَجم الواردين إِلَى دمشق مِنْهُم الْمولى مُحَمَّد بن حسن المغاني وَلما أنزلهُ فِي مدرسة جده لأمه الْأَمِير عَليّ الْمَذْكُور وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَاشِيَة الْمطَالع ومنلا زَاده فِي الْحِكْمَة وَغير ذَلِك وَأخذ التصوف عَن منلا غياث الدّين الشهير بمير مخدوم اللألائي التبريزي قَرَأَ عَلَيْهِ بِدِمَشْق مُقَدمَات الفصوص للشَّيْخ دَاوُد القيصري وَشرح الرباعيات للْمولى عبد الرَّحْمَن الجامي وَأخذ عَن الشَّيْخ سراج الدّين التبريزي نزيل مَكَّة المشرفة وَصَحبه بُرْهَة لما قدم من مَكَّة إِلَى دمشق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَأخذ فرقة التصوف عَن الشَّيْخ مُحَمَّد النَّاشِرِيّ نزيل الْمَدِينَة المنورة وَإِمَام مَسْجِد قبَاء ثمَّ قَرَأَ الْفِقْه بعد وَفَاة شَيْخه أبي الْفَتْح على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على الشَّيْخ نجم الدّين مُحَمَّد البهنسي خطيب دمشق ومفتيها والمعاني وَالْبَيَان على الْعِمَاد الْحَنَفِيّ وَحضر مجَالِس التَّفْسِير عَليّ الْبَدْر الْعزي فِي تَفْسِيره بالتقوية وَالْجَامِع الْأمَوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute