مَعَ مُلَازمَة وَلَده الشهَاب ثمَّ ولي تدريس الْمدرسَة الخانوتية دَاخل دمشق ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة قَاضِي الْقُضَاة الْمولى مُحَمَّد بن بُسْتَان حِين كَانَ قَاضِيا بِدِمَشْق فلازم خدمته وناب عَنهُ وَله فِيهِ مدائح كَثِيرَة ثمَّ ارتحل مَعَه إِلَى الرّوم وناب عَنهُ بهَا حِين ولي قضاءها وَلما ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِأَنا طولي بَعثه إِلَى الشَّام قاما ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرّوم وَولي بهَا عدَّة مدارس ثمَّ عَاد إِلَى دمشق فِي سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَصَحب بهَا جمَاعَة من أَصْحَابه القدماء وَكَانَ يجْرِي بَينه وَبينهمْ مطارحات وترسلات فَمَا دَار بَينه وَبَين الْحسن البوريني أَن الْحسن نقل عَن الشَّيْخ الطَّيِّبِيّ بَيته الْمَشْهُور وَهُوَ
(وَلَا تضف شهر اللَّفْظ شهر ... إِلَّا الَّذِي أوّله رافادر)
فَمر بهم فِي المطالعة فِي حَوَاشِي الْكَشَّاف للسعد أَن إِضَافَة لفظ شهر إِلَى رَجَب مُمْتَنع فَقَالَ الطالوي يَنْبَغِي أَن يسْتَثْنى ذَلِك مِمَّا يَقْتَضِيهِ كَلَام الطَّيِّبِيّ فَقَالَ لَهُ البوريني بَادرُوا إِلَى ذَلِك فَقَالَ إِلَّا الْأَصَم فَهُوَ فِيهِ مُمْتَنع فَقَالَ الْحسن مجيزا لِأَنَّهُ فِيمَا رَوَوْهُ مَا سمع وَبِهَذَا عالي السعد الْمَنْع وَكتب إِلَيْهِ البوريني عقب مقاطعة صدرت بَينهمَا قَوْله
(يَا نَاسِيا من لم يزل ... فِي النَّاس يَتْلُو مننك)
(يَا حسنا أَفعاله ... كَيفَ تسوء حسنك)
فَرَاجعه بقوله
(ماسؤب يَوْمًا حسنى ... فِي النَّاس يَتْلُو منني)
(وَإِن تسؤ أَفعاله ... قابلتها بالْحسنِ)
وَوَقع لَهُ فِي ذَلِك الْأَثْنَاء وَهُوَ بِدِمَشْق أَن ابْن خَالَته الْأَمِير إِبْرَاهِيم الطالوي تولى الْإِمَارَة بِولَايَة نابلس فَتوجه مَعَه وَأَعْطَاهُ الْأَمِير خيلاً وَمَا لَا وزوده وودعه فنوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر بهَا نَحْو سنة وَأخذ بهَا عَن الْعَلامَة عَليّ بن غَانِم الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ وَالشَّمْس مُحَمَّد النحراوي الْبَصِير الْحَنَفِيّ وَشَيخ الشَّافِعِيَّة فِي عصره الشَّمْس مُحَمَّد الرَّمْلِيّ وَغَيرهم مِمَّن ذكره فِي كِتَابه السانحات وَعَاد من مصر إِلَى دمشق ثمَّ سَافر إِلَى الرّوم واتصل بالمولى سعد بن حسن جَان معلم السُّلْطَان مُحَمَّد فَأكْرم مثواه بِنَاء على معرفَة حُقُوق أَبنَاء النِّعْمَة وأغنياء الْأَصَالَة خُصُوصا الجامعين إِلَى شرف النّسَب شرف الْأَدَب وامتدحه وولديه مُحَمَّدًا وأسعد بقصائد كَثِيرَة وَولي بعنايته مدارس عديدة بالروم إِلَى أَن وصل إِلَى مدرسة خير الدّين باشا بِخَمْسِينَ عثمانيا ثمَّ أعْطى مِنْهَا الْمدرسَة السليمانية بِدِمَشْق والإفتاء بهَا فورد إِلَى دمشق وَاسْتقر بهَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute