أَن مَاتَ وَكَانَ على تماسك حَاله شاكيا لدهره مستزيدا الْقُدْرَة وَكَانَت أحلاقه متفاوته فَمَا مدح أحدا إِلَّا هجاه وَله فِي ذَلِك أَعَاجِيب كَثِيرَة وَهُوَ فِي كل أسلوب من أساليب الشّعْر كثير الْملح كَأَنَّمَا يصدر شعره عَن طباع المفلقين من الشُّعَرَاء وَله القصيدة الَّتِي سَارَتْ فِي الْبِلَاد وطارت فِي الْآفَاق لحسن ديباجتها وَكَثْرَة وفقها وَكَانَ أرسلها من الرّوم إِلَى أَصْحَابه الْعلمَاء والأمراء المقيمين بِدِمَشْق أَولهَا
(أنسيمة الرَّوْض المطير ... بالعهد من زمن السرُور)
ولطولها وشهرتها لم اذْكُرْهَا وعَلى نمطها وَقعت قصائد كَثِيرَة جَاهِلِيَّة وإسلاما ومحدثة فَمِنْهَا للشريف الرضي الموسوي
(نطق اللِّسَان عَن الضَّمِير ... والبشر عنوان الضَّمِير)
وَلأبي بكر الْخَوَارِزْمِيّ
(إِن الالئ خلف الْخُدُور ... هم فِي الضمائر والصدرو)
وَمن هَذَا الْعرُوض قصيدة المنحل لمعظم بن الْحَارِث الْيَشْكُرِي كَمَا فِي حماسة أبي تَمام ومطلعها
(إِن كنت عاذلتي فَيرى ... نَحْو الْحجاز وَلَا تجوري)
ولإبراهيم بن المدير قصيدة فِي مدح المتَوَكل على هَذَا المنوال مِنْهَا
(يَوْم أَتَانَا بالسرور ... وَالْحَمْد لله الْكَبِير)
(أخلصت فِيهِ شكره ... ووفيت فِيهِ بالنذور)
مِنْهَا
(الْبَدْر ينْطق بَيْننَا ... أم جَعْفَر فَوق السريرد)
(فَإِذا تواردت العظائم ... ثمَّ كنت مُنْقَطع النظير)
وللطالوي يَسْتَدْعِي بعض أصدقائه إِلَى منتزه فِي بعض الْأَيَّام
(قد غازل النسرين لحظ النرجس ... فِي مجْلِس سقى الحيا من مجْلِس)
(يرنو إِلَيْهِ كَمَا رنت من خشيَة ... المراقباء غيد عَن لحاظ نعس)
(والورد أخجله الحيا فَكَأَنَّهُ ... خد تورد من لهيب تنفس)
(فِي فتية نشرت حدائق بردهَا ... فزهت على زهر الْجَوَارِي الكنس)
(دارت سلاف الذّكر مِنْك عَلَيْهِم ... فغدت تمايل كالغصون الميس)
(ترجو قدومك كي يتم سرورها ... وتقر عينا يَا حَيَاة الْأَنْفس)
(لَا زَالَ وردك يانعا فِي رَوْضَة ... وشبابك الفتان زاهي الملبس)