العابدين الْمَذْكُور جمانا فِي المحكمة عِنْده وَكَانَ لَهُ حديقة بالصالحية يُقيم فِيهَا ويجتمع عِنْده شعراء ذَلِك الْعَصْر ويتذاكرون الْأَدَب مِنْهُم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأكرمي الْمُقدم ذكره فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَنْفَكّ عَنهُ وَله فِيهِ مدائح مِنْهَا قَوْله وَقد نظم هَذِه الأبيات فِي حديقته الْمَذْكُورَة وَهِي قَوْله
(لم أنس مجمع أنسنا ... فِي رَوْضَة القَاضِي الصّلاح)
(رب العوارف واللطائف ... والمكارم والسماح)
(مولى طليق الْوَجْه عِنْد الْعَالمين ... سموح رَاح)
(لله حسن مقامنا ... إِذْ نَحن فِي الْبسط السراح)
(تتفاوض السحر الْحَلَال ... ونعتفي جد المزاح)
(ونفوسنا سكرى التنعم ... وَالسُّرُور بِغَيْر رَاح)
(فِي ظلّ روض عَمه ... نفح الازاهر والأقاح)
(حَيْثُ النسيم الرطب قد ... أرسى على المَاء الفراح)
(وَالطير تشدو فِي الغصون ... بِطيب ألحان صِحَاح)
(وفواكة الأغصان تنثر فِيهِ ... من كل النواحي)
(حييت يَا يَوْم الجنينة ... كل غادية وَرَاح)
(من يَوْم أنس لم يكدر ... صَفوه واش ولاحي)
(مَا أنسى لَا أنسى اجتماعي ... فِيك بالغر الصَّباح)
(تَغْدُو علينا الطَّيِّبَات من ... الغدو إِلَى الرواح)
(لَا زَالَ صاحبنا الصّلاح ... يؤم فِي حَال الصّلاح)
(وَبَقِي مدى الْأَيَّام فِي ... حرز السَّلامَة والنجاح)
(مَا غردت ورق الحمائم ... فِي الْمسَاء وَفِي الصَّباح)
وَكَانَت وَفَاة القَاضِي صَلَاح الدّين فِي ثَالِث عشر محرم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بسفح قاسيون
السَّيِّد صَلَاح الدّين بن عبد الْخَالِق بن يحيى بن الْمهْدي بن إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي الحجاف القاسمي الحسني الحبوري الإِمَام الْعَلامَة الْجَلِيل الشَّأْن كَانَ مفننا فِي عُلُوم كَثِيرَة وَله تآليف مَشْهُورَة مِنْهَا شرح تَكْمِلَة الْأَحْكَام فِي علم الطَّرِيقَة وأجوبة مسَائِل مَشْهُورَة ونظمه أَسِير من مثل فِي بِلَاد الْيمن وَله ديوَان شعر مدون