(لَا يرتضي الْعَاقِل عَن فرْصَة ... من فرص الدَّهْر بملء الْكُنُوز)
(لَو لم يجنّ الدَّهْر مَا علقت ... عَلَيْهِ فِي رَأس الْهلَال الحروز)
(من غير مَأْمُور وَدم سالما ... لدفع خطب ولحل الرموز)
فَحَضَرت إِلَيْهِ وَكَانَ بمجلسه أحد أَبنَاء الرّوم مِمَّن يَدعِي الْأَدَب فَأخذ فِي بحث أَيَّام الْعَجُوز وَلم سميت بِهَذَا الِاسْم حَتَّى تحرر لنا وَجه التَّسْمِيَة من كتاب لِابْنِ قَاضِي شُهْبَة سَمَّاهُ تطريف الْمجَالِس بِذكر الْفَوَائِد والنفائس وَمُلَخَّص مَا قَالَ فيهم أَنهم زَعَمُوا أَن عجوزاً دهرية كاهنة من الْعَرَب كَانَت تخبر قَومهَا بِبرد يَقع فِي آخر الشتَاء يسوء أَثَره على الْمَوَاشِي فَلم يكترثوا بقولِهَا وجزوا أغنامهم واثقين بإقبال الرّبيع فَإِذا هم بِبرد شَدِيد أهلك الزَّرْع والضرع فَقيل أَيَّام الْعَجُوز وَبرد الْعَجُوز وَقيل هِيَ عَجُوز كَانَ لَهَا سبع بَنِينَ وسألتهم أَن يزوجوها وألحت فَقَالُوا ابرزي للهواء سبع لَيَال حَتَّى نُزَوِّجك فَفعلت وَالزَّمَان شتاء فَمَاتَتْ فِي السَّابِعَة فنسبت إِلَيْهَا الْأَيَّام وَقيل هِيَ الْأَيَّام السَّبْعَة الَّتِي أهلكت فِيهَا عَاد وَلَكِن تِلْكَ ثَمَانِيَة بِنَصّ الْكتاب وَقيل أَيَّام الْعَجز وَهِي آخر الشتَاء وَالله أعلم وكتبت إِلَيْهِ بعد أَيَّام أَدْعُوهُ إِلَى متنزه فِي يَوْم النوروز وأشير إِلَى مَضْمُون أبياته
(أنقذتنا مواسم النوروز ... من عَذَاب الشتا وَبرد الْعَجُوز)
(ألبس الأَرْض من غلائله الْخضر ... فجرت ذيولها فِي الخزوز)
(وَإِذا أشرقت ذكاء حَسبنَا الأَرْض ... أبدت مَا تحتهَا من كنوز)
(فاتركاني من ضرب زيد لعَمْرو ... وَبَيَان الْمَقْصُور والمهموز)
(وَقفا بِي على الرياض قَلِيلا ... لنرى قدرَة الْحَكِيم الْعَزِيز)
(فَكَأَن الْحباب وَالْمَاء فِيهَا ... فضَّة تَحت لُؤْلُؤ مغروز)
(أَيهَا الْفَاضِل الَّذِي يفصل الْبَحْث ... وَلَو طَال بالْكلَام الْوَجِيز)
(لَو جهلناه مَا علمنَا يَقِينا ... محكمات التَّحْرِيم والتجويز)
(أَو رَآهُ الزُّهْرِيّ وَابْن معِين ... أسْند الْعلم عَنهُ كالمستجيز)
(جد بإنجاز مَا وعدت فَلَيْسَ المطل ... عِنْد الْكِرَام كالتنجيز)
(فلدينا من يسحر اللب وَالْعقل ... إِذا مَا شدا من النيريز)
(فاتر الطّرف لَو رَأَتْهُ زليخا ... نسيت ذكر يُوسُف والعزيز)
(حسدت منزلي عَلَيْهِ بقاع الأَرْض ... من جلق إِلَى تبريز)