قال ابن عرفة: وكان (يظهر) لنا أنه يخرج لنا من الآية أن النّافي للدعوة مطالب بالدليل على ذلك (لأنه) أنكر عليهم قولهم {لَن تَمَسَّنَا النار} قال: (وكان) ابن عبد السلام يجيب عنه بأنهم ادعوا أمرا مشتملا على نفي وإثبات فطولبوا بالدليل على طرف الإثبات. ورد بأن من ادعى ما يوافقه الخصم عليه لا يحتاج إلى دليل، ونحن نوافقهم على مس النار لهم أيّاما ونخالفهم في طرف النفي. وأجيب عنه بأن الإنكار في طرف النفي لكنه نفي ما قد حصل وتقرر ثبوته لأنهم وافقوا على مسّ النار إياهم أربعين يوما. ومن ادعى على رجل حقا فأقرّ به، وقال: دفعته، يطالب بالدليل على براءته منه.
قال ابن عرفة: الكلام معهم في مدة النفي لا في مدة الإقرار.
وأجيب أيضا بأنّ هذا النّفي يستلزم ثبوتا، لأنه ليس هناك إلا جنة أو نار، فإذا نفوا عنهم النار فقد/ ادعوا أنهم في الجنّة، فقال: إنما علمنا الجنة أو النار بالشرع، وكلامنا الآن في الدليل العقلي، لأن الدليل العقلي اقتضى أنّ النافي لا يطالب بالدليل.
فقيل له: بل ذلك أيضا معلوم من الشرع لحديث «البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر» .