إن قلت: لِم أقسم على مجِيئه لهم بالبينات، وهم موافقون عليه. وإنما يتوهم مخالفتهم في اتخاذهم العجل فقط؟ فهلاَ قيل: ولقد اتخذتم العجل من بعد ما جَاءكم موسى بالبينات؟
فالجواب: أنه ظهرت عليه مخائل الإنكار لمجيئه لهم بالبيّنات بسبب اتخاذهم العجل، فلذلك عطفه عليه (بيانا لسببه) الموجب للقسم.
قال ابن عطية: البينات: التوراة، والعصا، وفرق البحر، وغير ذلك من آيات موسى عليه الصّلاة والسلام.
قال ابن عرفة: إن أراد بالبينات الظاهرة فظاهر، وإن أراد المعجزات فليست التوراة منها، لأنها غير معجزة وإنما الإعجاز بالقرآن فقط. فإن قلتم: إنّها معجزة باعتبار اشتمالها على الإخبار بالمغيبات.
قلنا: الإعجاز فيها حينئذ (ليس هو من حيث المجيء بها بل من حيث الإخبار بالمغيبات فقط) .
قال ابن عرفة: وذمهم أولا بكفرهم فيما يرجع إلى النّبوة بقوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ} ثم ذمهم بكفرهم فيما يرجع إلى الألوهية باتخاذهم العجل إلاها فهو ترق في الذم.
قال: ومفعول «اتّخَذْتُمُ» محذوف أي العجل إلاها، وحذفه مناسب، لأنه مستكره مذموم، فحذفه إذا دل السياق عليه أحسن من ذكره.