عبر بالفعل المضارع، وقال بعده {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} فعبر بالماضي فما السر في ذلك؟
أجاب ابن عرفة: بأن الشراء لا يتكرر لأنه إذا دفع للبائع الثمن لم يعد إليه بوجه، فلا يقال: إنه يبيع سلعته مرة أخرى أو يشتري العوض مرة أخرى. فإلإيمان الذي باعوه لا يرجع إليهم بوجه بخلاف أمر الإيمان لهم فإنه يتجدد (بحسب) متعلقه شيئا فشيئا.
قال ابن عرفة: وقبح فعلهم إما من (جهة) كذبهم في مقالتهم إذ {قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا} وليسوا بمؤمنين، وإما من جهة إيمانهم مع اتصافهم بالقبيح. والإيمان لا ينشأ عنه إلا الحسن.
قيل لابن عرفة: المراد بقوله: «إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» الإيمان الحقيقي الشرعي، والإيمان الحقيقي لا (يأمر) إلا بالخير فكيف قال لهم: {بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ} ؟
فقال: المراد إن (كنتم تدّعون) الإيمان حاصلا لكم، فبئس ما يأتيكم به إيمانكم المدّعى.
قيل له: لما يأمرهم الإيمان بذلك، وإنما هو إيمان ناقص زاحمه غيره من وساوس النفس، فالمزاحم هو الأمر لا الإيمان؟