فقال ابن عرفة: إنما ذلك في الفروع والأحكام الظنية، وأما باعتبار الملة فلا خلاف بين المسلمين في وقوعه وأنّه تنسخ ملة بملة. وإنما الكلام فيه باعتبار الشخص الواحد هل يصح نسخ الحكم في ملته (بحكم آخر أم لا) قولان.
الخير باعتبار المصالح الشرعية، فقد يكون متعلق الحكم يستلزم مصلحة أرجح (من مصلحة أو مثلها ومعنى {نُنسِها} أي نؤخرها فتعجيل نسخها أو تأخير نزولها إنما هو لتعجيل الإتيان بما مصلحته أرجح) . وفيه تأخير البيان إلى وقت الحاجة. واحتج الفخر الرازي في المحصول بهذه الآية على جواز النسخ ووقوعه.
ورد عليه السراج في التحصيل بأنها قضية شرطية لا تدل على وقوع ولا على إمكان الوقوع كقوله تعالى:{قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} وأجاب عنه ابن الخطيب شمس الدين الجزري بأن الاية خرجت مخرج المدح، والمدح لا يكون إلا بما (هو) واقع بالفعل لأن الله تعالى قال: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . فقد أثنى على نفسه جل وعلا بذلك.