للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: مذهب أهل السّنة أن الخلق نفس المخلوق لا أنه أمر زائد عليه.

وكان شيخنا الإمام أبو عمرو بن الحاجب يقول بحسب ذلك: خلق الله السماوات مصدر، كقولك: خلق الله خلقا، وينكر طلبة النحو ذلك لاستغرابهم كون الجوامد مصادر وما لهم تصور لحقائق علم الكلام، ولا لهم إحاطة بالضروريات الملجئة إلى مخالفة، فإن المتكلمين التجأوا إلى ذلك لعلمهم أنّ الخلق لو كان معنى زائدا لكان وجوديا، ولكان مخلوقا ولكان خلقه مفتقرا إلى خلق آخر. فلما قطعوا باستحالة ذلك قطعوا بأن القدرة تتعلق بذات العين، فتوجدها (أفعال) الله كما أن المعاني أفعال.

فإن قلت: حاصل ذلك لا تغاير بين الخلق والمخلوق فلا مصدر إذاً، لأن (المصدر) في قولك: ضربت زيدا ضربا زائد على ذات زيد و (لا هناك) زائد، ولا يستقيم إذا كان الموت مصدرا.

قلت: هو ما ذكرت. والمستقيم كون الموت مفعولا به وهي نفس الفعل وهو الذي أراد الشيخ ابن الحاجب ولكن لو أعدّها مفعولا به لجمع بين الاصطّلاح وبين المعقول.

فإن قلت: لو قال قائل: خلق الله السماوات خلقا، فكيف يعرب خلقا؟

قلت: مصدرا، وهو نفس المفعول به في المعنى فاحفظ الصناعة والحقيقة معا، فالتغاير بين المصدر والمفعول به حقيقي في غير هذا الباب ولفظي هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>