قيل لابن عرفة: في ظاهر الآية تناف لأن «اقتلوهم حيث ثقفتموهم» يقتضي الأمر باستِئْصالِهِم وعدم إحياًء أحد (منهم) فلا يبق للاخراج محل.
وقوله:«وَأَخْرِجُوهُم» يقتضي إحياء بعضهم حتى يتناوله الإخراج.
فأجاب بوجهين: الأول منهما: أنّ الاستيلاء عليهم تارة يكون عاما بحيث لا تبقى لهم ممانعة بوجه، فهنا يقتلون وتارة يكون (دون) ذلك بحيث يتولّى المسلمون على وطنهم (ويمتنعون) هم منهم في حصن ونحوه، حتى لا يكون لهم قوة على المسلمين ولا للمسلمين قدرة على قتلهم فهنا يصالحونهم على أن يخرجوا لينجوا بأنفسهم خاصة. انتهى.
الثاني: أنهم يخرجون أولا ثم يقتلون بعد الإخراج والواو لا تفيد رتبة ففي الآية التقديم والتأخير.
قال ابن عرفة: في الآية عندي إيماء إلى كون فعل الطاعة إذا (وافق) غرضا دنيويا فلا يقدح ذلك فيه ولا ينقص ثوابه لقوله: {مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} .
قلت: وتقدم لنا في الختمة الأخرى عن ابن عرفة أنه تقرر أن الإمام مخير في الجهاد بين ثلاثة أشياء: إما القتل، وإما الفدية وإما الأسر، والآية تقتضي تحتم القتل من غير تخيير. وأجاب بأنه قد يكون تخصيصا.