قال ابن عرفة: فإن قلت لم أعيد لفظ الحجّ مظهرا، وهلا قيل: فمن فرضه فيهن؟
فأجاب عن ذلك بأنه لو قيل كذلك لكان فيه عود الضمير على اللفظ لا على المعنى مثل: عندي درهم ونصفه لأن الحج الأول مطلق يصدق بصورة فيتناول حج زيد وعمرو بالتعيين الواقع منهما وحجمها القابل لأن يفعلاه.
وقول الله جل جلاله:{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج} مقيد بحج كل واحدٍ واحدٍ بعينه، والشخص المعين (حجه مقيد لا) مطلق، فلذلك أعيد لفظ الحج مظهرا فيتناول الفرض والتطوع.
قيل لابن عرفة: ما الفرق بين (جواز تقديم) إحرام الحجّ على أشهر الحج ومنع تقديم إحرام الصلاة على وقتها؟
فقال: الإحرام قسمان منقطع ومستصحب، فالمنقطع كتكبيرة الإحرام والمستصحب النية، فالنية يصح تقديمها على الوقت لأنها لايزال حكمها منسحبا على المصلي في جميع أجزاء صلاته ولا يصح تقديم تكبيرة الإحرام لانقطاعها بالفراغ منها، ونظيره هنا السعي، لا يجوز تقديمه على أشهر الحج. وأما نية الإحرام والتوجه فهو مستصحب فيصح تقديمه على أشهر الحج. وفرقوا بين إحرام الصلاة وإحرام الحج بأنّ إحرام الصلاة متيسر (لا مشقة) فيه فامتنع تقديمه وأمر المقدم له بإعادته واعتقاد وجوبه بخلاف إحرام الحج.